الخميس، 29 أبريل 2010

ناشط نقابي وحقوقي بطاطا يتعرض لمحاولة اعتداء اجرامية


مراسلة من فريد الخمسي

ناشط نقابي وحقوقي بطاطا يتعرض لمحاولة اعتداء إجرامية

تعرض الأستاذ الراضي محمد الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم – ك د ش – بفم زكيد إقليم طاطا وعضو الفرع الإقليمي للمركز المغربي لحقوق الإنسان بالإقليم لاعتداء شنيع في تمام الساعة السابعة والنصف من مساء يوم الأربعاء 28 ابريل 2010 على يد عصابة إجرامية مكونة من حوالي 10 أشخاص مدفوعة الأجر من طرف أحد مافيا المنطقة والذي يتضايق باستمرار من تحركات ونضالات الضحية ، حيث تم رشق مدرسة فرعية فم الواد التابعة لمجموعة مدارس اللكوم * نيابة إقليم طاطا* وبشكل مكثف بالحجارة بعدها تم اقتحام المؤسسة والهجوم على المسكن الإداري الذي يقطنه الأستاذ الضحية ليتم الاعتداء عليه بالركل والضرب بالحجارة والعصي واللكمات مما تسبب له في رضوض على مستوى الرأس واليدين وجرح على مستوى العين اليمنى ، ليسقط مغمى عليه ، إلى أن قدمت إلى عين المكان فرقة من الدرك الملكي وسيارة إسعاف.
الاعتداء الهمجي الذي كان مخططا له سبق للضحية أن وجه شكاية كتابية إلى قائد قيادة اللكوم يشير فيها إلى التهديدات المتكررة التي تهدد سلامته البدنية ، ويطالب بالتدخل لحمايته. لكن دون جدوى . وفور وقوع الحادث عقد المكتب الإقليمي للمركز المغربي اجتماعا عاجلا لتدارس هذا الاعتداء الذي يهدد الحق في الحياة ، واصدر بيانا استنكارنا ضد هذه الجريمة النكراء ، وطالب السلطات الأمنية والمحلية والقضائية بتحمل مسؤولياتها كاملة لضمان حقوق الأستاذ الراضي محمد وتقديم الجناة للعدالة رفقة الجهات التي سخرتهم ، كما علمت مصادرنا أن اجتماعا مماثلا سيعقده المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم – ك د ش – بالإقليم يوم الخميس 29 ابريل 2010 لتدارس سبل التضامن مع أبرز مناضليه و الرد المناسب على هذا الاعتداء الهمجي الشنيع.

الخمسي فريد

الأربعاء، 28 أبريل 2010

الملتقى الوطني الثامن للقصة القصيرة بفاس بين سوء التنظيم ومصائب لجنة التحكيم

مراسلة من محمد كروم
الملتقى الوطني الثامن للقصة القصيرة بفاس
بين سوء التنظيم ومصائب لجنة التحكيم

محمد كروم

نظمت جمعية الفنانين للثقافة والمسرح بفاس الملتقى الوطني الثامن للقصة القصيرة،مابين 23 و25 أبريل 2010 وهي الدورة التي عرفت تكريم القاصة الزهرة رميج.انتهى الملتقى وقد انتهى أغلب المشاركين إلى الإقتناع بعدم جدوى المشاركة في أية دورة أخرى منه،لما طبعه من سوء التنظيم ومهازل قي تقييم الأعمال القصصية المشاركة في مسابقة الملتقى.ويمكن إجمال أهم المشاكل والأخطاء التي وسمت الملتقى في :

1 ـ الميز الحقير بين المشاركين في الملتقى،حيث تم إنزال مجموعة منهم في فندق ووفرت لهم وسائل التنقل والتحرك بينما رمي بالآخرين في مركز تابع للشبيبة والرياضة تنعدم فيه أبسط شروط الإقامة المريحة(فيه أسرة متسخة،حمامات معطلة،حارس يجبر النازلين على النوم بإطفاء الأضواء،وجود سكارى يقلقون راحة المشاركين في الملتقى...)مع العلم أن الجلسات غير الرسمية في مثل هذه الملتقيات تكون أفيد لأنه فيها يتم التواصل الحقيقي بين المشاركين ويتم تبادل التجارب والخبرات.

2ـ الخلط في مواد الجلسات بين الأوراق النقدية والشهادات في حق المحتفى بها والخلط بين السرد الروائي والسرد القصصي ( ملتقى القصة القصيرة وليس السرد) مما جعل بعض المشاركين ينفرون من تتبع الجلسات كما نفر البعض الآخر من طول انتظار بدء الجلسات التي تتأخر كثيرا عن موعدها بسبب قلة المتابعين لأشغال الملتقى.إلى درجة أن أحد مسؤولي الجمعية كان يسجل في ورقة حضور وغياب المشاركين .

3ــ النتائج التي أفرزتها لجنة التحكيم في تققيمها للأعمال المشاركة(13 عملا تم انتقاؤها من بين 117 على حد قول مسؤولي الجمعية)هذه النتائج كانت صادمة لأنها أعلنت من بين الفائزين أسماء ونصوصا لا علاقة لها بالقصة القصيرة صياغة وبناء وجمالية إلى درجة أن أصحابها يقرون أنهم لا يستحقون الفوز وأنهم لم يقرؤوا في حياتهم ولو مجموعة قصصية واحدة ولم يسمعوا قط برجل إسمه محمد شكري أو زفزاف أو بوزفور أو نجيب محفوظ ... وأن النص الذي شاركوا به أول كتابة في حياتهم.هذا في الوقت الذي أقصيت فيه نصوص ذات قيمة فنية عالية لأن أصحابها على دراية جيدة بالقصة القصيرة وسبق أن شاركوا في ملتقيات عديدة وفازوا بجوائز وطنية مهمة وأصدروا أكثر من مجموعة قصصية.وهنا نتحدى كل من يقول عكس هذا الكلام ويملك ذرة من الشجاعة أن يعرض القصص(13) المشاركة على أهل الاختصاص ليروا إلى أي حد تم اغتيال النزاهة والمصداقية والقصة القصيرة وإلى أي حد تمت الإساءة إلى الزهرة رميج نفسها وإلى تاريخها النضالي ومبادئها الاشتراكية التي تتأسس على العدالة الإجتماعية و ..و..
القاصة الروائية الزهرة رميج
ولا غرابة في ذلك مادامت لجنة التحكيم التي ترأستها القاصة الزهرة رميج لم تقدم أسماء أعضاء اللجنة ولا قدمت تقريرا تقييميا للأعمال المشاركة يبرر اختيارها لنصوص دون نصوص أخرى. وما وصل إلى علم المشاركين هو أن لجنة التحكيم ضمت أشخاصا كثيرين( منهم أعضاء مكتب الجمعية المنظمة) أغلبهم لا يميز بين القص الكتابي والقص المائدي(من المائدة) وأن أمر الحسم في الترتيب تم فوق طاولة العشاء في لحظة انتظار للعشاء .ولا غرابة في ذلك أيضا مادامت لجنة التحكيم تضم دكاترة منهم من يقول في مداخلة له بأن عنوان ( وردة حمراء)لإحدى قصص الزهرة رميج يتكون(أي العنوان) من جملة عبارة عن مبتدأ وخبر. يا سلام على العربية وقواعدها؟؟؟؟؟؟ مدينة فاس

4 ــ طبيعة الجوائز نفسها التي سلمت للفائزين( مزهرية للأول والثاني وصندوق صغير للثالث وكتابان للرابع)لا تتناسب مع مسابقة ذات طابع وطني وجاءت في إطار ملتقى وطني ساهمت فيه جهات وطنية ودولية( المجلس الحضري لفاس[العمدة]ووزارة الثقافة والمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة[أيسيسكو]) مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول هذا الجانب.

5 ـ أما الزهرة رميج ففي الوقت الذي كان ينبغي عليها أن تنفتح على القصاصين الشباب وتجلس معهم وتحاورهم كما يقتضي تاريخها النضالي ومبادئها والتزاماتها الفنية والهم المشترك، فقد انحازت إلى أعضاء الجمعية وحدهم وأهدت لكل واحد مجموع أعمالها موقعة باسمها دون أن تلتفت إلى المشاركين خاصة منهم الشباب الذين قدموا من مدن بعيدة وربما استلفوا ثمن تذكرتي الذهاب والإياب إلى / من فاس.

وبهذا يمكن أن نفهم إلى أي حد( تخدم) القصة في هذا الوطن العزيز.

وفي الأخير أتوجه إلى القاصة والروائية الزهرة رميج( باعتبارها رئيسة لجنة التحكيم) بالتماس مضمونه، أن تخرج عن صمتها وتقدم لنا تقريرا عن عمل اللجنة يوضح أسماء أعضاء اللجنة و مبررات اختيار النصوص الفائزة ،ومبررات إقصاء غير الفائزة حفاظا على سمعتها وسمعة القصة القصيرة ولما لا سمعة الجمعية المنظمة إن كنا مخطئين.؟؟

الثلاثاء، 27 أبريل 2010

نادي الهامش القصصي يجعل زاكورة عاصمة للقصة القصيرة


نادي الهامش القصصي يجعل زاكورة عاصمة للقصة القصيرة


جعل مدينة زاكورة مركزا ثقافيا. المساهمة في خلق حركية إبداعية بالمنطقة. الرقي بالذوق الإبداعي و الأدبي المحلي. التعريف بالقصة القصيرة كجنس أدبي متميز. الاحتفاء بالمبدعة المقتدرة مليكة نجيب و تجربتها الممتدة لأزيد من عقدين.
إذا كانت هذه هي الأهداف التي سطرتها جمعية الهامش القصصي بزاكورة في ملتقى بوزفور القصصي التاسع الذي تسهر الجمعية على تنظيمه سنويا فإنه يمكن القول باطمئنان أن الجمعية هذه السنة بلغت أربها، فعلى مدى ثلاثة أيام احتضنت مدينة زاكورة مجموعة من المبدعات والمبدعين على رأسهم قيدوم القصة المغربية أحمد بوزفور الذي يسمى الملتقى باسمه والقاصة المبدعة مليكة نجيب المحتفى بها. بهرت مدينة زاكورة الضيوف بحفاوتها وسخائها، وأدهشوا بدورهم الحضور والمتتبعين بتواصلهم وشاعريتهم التي تدفقت من بين سطور السرد.
ملتقى بوزفور القصصي التاسع كان فرصة لإثارة مجموعة من القضايا الثقافية والإبداعية، ولعل أكثر المواضيع إثارة للنقاش هو النقاش المسؤول الذي عبر فيه كل عن وجهة نظره التي تحترم، ويتعلق الأمر بقضية الأدب النسائي من جهة وبقضية الهامش من جهة ثانية.

إشكالية الهامش والمركز:
حسب الناقد عبد العاطي الزياني وهو عضو من أعضاء نادي الهامش القصصي فإن الهامش يقع في ملتقى مباحث معرفية وتعبيرية مختلفة، إذ يتماس مفهومه بحدود الجغرافية المكانية والثقافية والاجتماعية، وتتباين دواله من حقل لآخر، ومن سياق لغيره، ولذلك فالهامش في صنوف الفنون ذات البعد اللغوي تنأى قليلا عن الارتهان بالتجلي أعلاه المتمثل في الجغرافيا أو غيرها، رغم التأثيرات المتبادلة بشروط ما." ويضيف أنه من الممكن ربط الهامش بالهامشي.
بالرجوع إلى نادي الهامش القصصي فإن في مركزته للفعل الثقافي في مدينة قصية مثل زاكورة تذويب لأسطورة المركز، علما أن مصطلح عاصمة يتناقض في أساسه مع مصطلح الهامش، فالمراهنة على اعتبار زاكورة عاصمة للقصة المغربية، هو رهان مشروع وطموح من أجل أن لا يكون هناك أي تهميش أو هامش.
وعلاقة بالموضوع لم يفت القاصة المحتفى بها مليكة نجيب أن تعبر عن رأيها في كلمتها الافتتاحية قائلة: "أشكركم أصدقائي أعضاء نادي الهامش وأخالفكم الرأي بالتمييز بين إبداع المركز وإبداع الهامش" على الرغم من أن القاصة نفسها اعترفت في نفس الكلمة بانتمائها للهامش: "أشكركم على هذه الالتفاتة التي خصصتموها لكاتبة تنتمي إلى الهامش، قذفتها حافية الاتجاه إلى محطة بالمركز بالصدفة."
اختيار الهامش منطلقا واسما قد نجد له ما يبرره في كلمة للمبدع محمد العناز المدير الإعلامي للملتقى إذ ورد في تقرير أعده أن زاكورة "إذا كانت قد ارتضت لنفسها هذه الهامشية كخيار أنطولوجي، فإن نادي الهامش القصصي صنع منها عاصمة جديدة للقصة القصيرة بالمغرب انطلاقا من تظافر جهود عدة: عمالة الإقليم، المجلس البلدي، نيابة وزارة التربية الوطنية، دار الثقافة"
أن تكون الهامشية خيارا أنطلوجيا قد نفهم منه ذلك التمسك برفع الحيف عن المناطق القصية وإيلاءها ما تستحقه من اهتمام على اعتبار أنها فضاءات بكر، لا زال الإبداع غضا، ثرا بها، لم تدنسه أو تعبث به الرسميات والشكليات، لكنه قد يحيل في الآن ذاته على استرخاص الذات وتبخيسها.

تسمية الكتابة النسائية:
كان من المتوقع أن يهيمن النقاش حول ما يسمى بالكتابة النسائية أثناء الملتقى، على اعتبار أن اسم المحتفى بها اسم نسائي، وقد توقفت كلمة نيابة وزارة التربية الوطنية بإقليم زاكورة الذي ألقاها بالنيابة السيد محمد بومنديل في حفل الافتتاح على الرمزية التي تطبع هاته الدورة المتمثلة في الاحتفاء بالقاصة ملكية نجيب بوصفها إحدى الأسماء الإبداعية التي طبعت مسار الكتابة النسائية بالمغرب، وأشار مدير دار الثقافة بزاكورة السيد حسن العمراني إلى الأسئلة المخصوصة، والراهنة التي يطرحها الأدب السردي النسائي، بدءا من تجربة الكتابة عند مليكة نجيب بوصفها احتراق بالنار. هكذا فإن سؤال الكتابة النسائية لم يثر في صميمه خلال اليوم الأول، حتى أن كلمة جمعية الهامش رحبت بالكاتبة المحتفى بها لا على اعتباركونها امرأة كاتبة بل بناءً ما قدمته هاته المبدعة الأصيلة للقصة وللقارئ معا، هذا دون أن ننسى أن موضوع الدورة هو بالبند العريض: (دورة الكتابة النسائية) وهو ما دفع القاصة المبدعة مليكة نجيب إلى التعبير عن موقفها بقولها: "أخالفكم الرأي بالتمييز في تسمية الكتابة النسائية فهي كتابة بأقلام نسائية ولكنها كتابة تروم التحدي والحضور والخلق وتدعوا إلى هدم كل معاقل التهميش والوصاية، هو إبداع يتواصل مع إنسانية الإنسان المهددة بالانقراض أينما حل وارتحل". ولم يتسن للحضور مناقشة المسألة بعمق إلا صبيحة اليوم التالي حيث عقدت ندوة تحت عنوان: " بلاغة السرد في تجربة مليكة نجيب" سيرها باقتدار الناقد الدكتور عبد العاطي الزياني الذي أشار إلى أنه ثمة تسميات ومسميات عدة تطلق على الأدب الذي تكتبه المرأة فهو: الأدب النسائي/النسوي/أدب المرأة/كتابة المرأة / الأنثى والكتابة/ أدب الجواري/ أدب سيدات الصالون/أدب الأظافر الطويلة/ أدب الحريم..وينساق رأي الناقد الزياني مع الطرح القائل بخصوصية الإبداع الذي تكتبه المرأة، وعلى هوية الأنوثة المهيمنة فيه. بعدها توالت الآراء بنفس الصدد أحدها استشهد بكتاب ترجمه محمد صوف" النساء يكتبن أحسن" الذي تؤكد فيه الكاتبة الأرجنتينية "أنا ماريا شوا" أن الرجال الذين يكتبون أحسن هم في الأصل نساء، وأنهم/أنهن يصدرن عن حس أنثوي، بمعنى أن الإبداع خصيصة أنثوية تماهيا مع قول ابن عربي "المكان الذي لا يؤنث لا يعول عليه". في حين تساءل القاص محمد كروم: أيمكننا أن نقرأ الإبداع ونحدد جنس صاحبه إذا لم نطلع على الاسم؟ القاصة مليكة نجيب تحدثت انطلاقا من تجربتها، وعبرت في مداخلتها أن جميع المواضيع تشغلها، وهي لا تختزل الوضع الإنساني في شقه المتعلق بالمرأة وقضاياها، وأوضحت أنها كانت دائما تُساءل عن موقع المرأة في إبداعاتها وأن بعض القراء يضعون اعتبارات قبلية وهم يواجهون إبداعا أنثويا، حتى أن بعضهم ينجرف نحو إسباغ التذكير على اسمها خاصة إذا تم قلب الاسم: "نجيب مليكة".

لقد كانت زاكورة عروسا للقصة القصيرة،وكان نادي الهامش القصصي في موعده السنوي وفيا لتقليد جميل يكرسه ضد ثقافة القبح وثقافة التهميش والإقصاء، ولعله بتكريمه للقاصة المبدعة مليكة نجيب يكون قد لفت الانتباه أكثر إلى القيمة الاعتبارية لما أبدعته هذه الكاتبة على مدى ثلاثة عقود، ويكون قد ضخ في دمائها دماء جديدة تزيدها توقدا وتوهجا.

شكيب أريج-

الجمعة، 23 أبريل 2010

شذرات من يوميات بودلير


شذرات من يوميات شارل بودلير


الأفـــق الإنساني الأعمق


هذه الأيام قرأت يوميات شارل بودلير، والحقيقة أنها عبارة عن كتابة شذرية لم يكن بودلير يطمح لإصدارها، وإنما أتيحت الفرصة لطبعها ونشرها بل وترجمتها بعد موته.

هي كتابة شذرية، كتابة غير مشذبة، إنه شارل بودلير على سجيته، بدون رتوشات. وإذا كان بودلير قد عبر في حياته عن فلسفة التناقض أو الحق في التناقض، فإن التناقض يبدو أوضح ما يكون في كتابته الشذرية أو يومياته، لقد أعجبتني الكثير من نظراته وأحب أن أوثق كل ما هو عميق وبليغ.
بخصوص التناقض، سنجد أن بودلير من أول الذين دافعوا عن الحق في التناقض فتجده يقول:


" ثمة حق منسي، قد يهم الجميع أن يعاد إليه الاعتبار، إنه الحق في التناقض"


" أن تعرف يعني أن تتناقض، ثمة درجة من عدم التناقض لا يرقى إليها شيء سوى الكذب"


قيل عن بودلير أنه ملحد وأنه متدين. ألا يعبر هذا عن التناقض.؟ والحقيقة أني وجدت بودلير كثير الدعاء لله، مؤمنا كأشد ما يكون، غير أنه ليس على شاكلة المؤمنين الذين يبدون كالقطيع،فإيمان بودلير أكثر فهما ومعرفة بالعالم، يقول:


"لو فقد الدين في هذا العالم، لوجد في قلب ملحد"


" يظل الدين مقدسا وإلهيا، ولو كان الله غير موجود"


وهو لا ينظر إلى طقوس العبادة نظرة سطحية، لذا سنجده في إحدى غضباته يقول:


" ما الذي ليس صلاة؟ البراز صلاة- طبقا لقول الديمقراطيين حين يتبرزون"

الدين أسمى وأرفع عند بودلير:


" ثمة دين كوني صنعه خميائيو الفكر، دين يتصاعد من الإنسان باعتباره تذكرة إليهة"


بودلير المهووس بالعظمة، لا يريد أن يكون واحدا من القطيع، يتنطع، يتكبر، يتأمل، يعتد بنفسه، لكن له موقف من كل شيء. لا يداهن ولا ينافق، وقد صدق فيه قول تولستوي: " الصدفة تخلق الموقف، والعبقري يستغله".


أما فيما يتعلق بالحب والنساء فبودلير واضح في يومياته كالشمس:
" نحب النساء بقدر ما يزيد اختلافهن عنا، إن حب النساء الذكيات متعة لوطيين، وهكذا فإن الحيوانية تلغي اللواط"
وقد يصل بودلير إلى حد التناقض ليبدو فجا وواقعيا وضد النساء:
" ..مكانان فحسب، فيهما تدفع كي يصبح لك الحق في أن تصرف: المراحيض العمومية والنساء"
" هل تمة فرق بين الرجل الذي يعانق مغفلته في الشارع، وذاك الذي يطعن فريسته في غابات مجهولة؟"
لقد تعرفت على تعريفات كثيرة للحب لكني لم أجد مثل تعريف بودلير المشاكس:
" الحب هو الميل إلى البغاء. بل لا وجود لمتعة مهما كانت سياسية لا يمكن إرجاعها إلى البغاء"
" اللذة الوحيدة والقصوى للحب تكمن في اليقين بإثيان الشر"
" ما الحب؟ الرغبة في مغادرة الذات. الإنسان حيوان عاشق، أن تعشق يعني أن تضحي بنفسك وأن تتعهر، لذلك كان كل حب بغاء"

وعكس ما نتصور، ليس البغاء في نظر بودلير قيمة دنيا، إنه ضرورة وحتمية وليتضح رأيه أسوق المثال التالي من شذراته:
" في عرض مسرحي أو حفلة راقصة، كل يلتذ بالكل. ما الفن؟ إنه بغاء"

ولأن بودلير عاصر زمن الانتشاء بالجمال والاحتفاء به هدفا للفن وقيمة اعتبارية، فإن آراءه في الجمال تبرز في اليوميات كأبهى ما تكون:

"يبدو الشيء جامدا ما لم يشبه قليل من التشويه، لذلك فإن عدم الانتظام، أي اللامتوقع والمفاجيء والمدهش هو جزء من عناصر الجمال الجوهرية وعلامته المميزة"

الجمال عند بودلير يقوم على كل شيء متأجج وحزين، غير محدد، على الغموض والندم والتعاسة:" وأنا لا أزعم أن الفرح لا يجتمع مع الجمال لكني أعتقد أن الفرح حلية من أكثر حلي الجمال سوقية"
أيمكن أن يدعو بودلير إلى الجمال في القبح؟ ألم نقل أنه يعلي من قيمة التناقض؟
يقول: "لا شيء أجمل من الأفكار المبتذلة".

إن شاعرا يصدح بمثل هذه الآراء هو شاعر ثوري بالأساس، لكن ما موقف الشاعر الثائر من الثورة؟
" الثورة تكرس الخرافة عن طريق التضحية"


ورغم ذلك سنجد أن الكثير من شذراته ثورة تهز الظالمين:
" لو طلب شاعر من الدولة الحق في أن يضع بعض البرجوازيين في اسطبله لأثار الاستغراب. لكن لو طلب بورجوازي قليلا من لحم الشعراء مشويا لبدا ذلك أمرا طبيعيا جدا"

جانب آخر من يوميات بودلير أثار إعجاب الجميع، هو جانب التنبؤ. فقد كتب يومية جميلة مليئة بحدوساته التي صدق بعضها وأكيد أنها ما زالت تتحقق لتثير إعجابا عاما عبر العصور:

" ستأمركنا الميكانيكا، وسيضمر التقدم بكل ملامحنا الروحية، إلى الحد الذي تصبح معه أقصى طموحات الطوباويين الدموية والدنيئة والمضادة للطبيعة عاجزة عن مضاهاة نتائجه الفادحة"

" ثمة في الإنسان أشياء تزهر وتزداد قوة فيما أشياء أخرى تضمر وتتقلص وبفضل تقدم هذه الأزمنة لن يبقى في باطنك سوى الأمعاء"

ويذهب بودلير بعيدا في التنبيء بمآل العائلة بعد بروز المجتمع الفرداني، فالشاب الذي كان يهجر عائلته في سن الثانة عشر لن نستغرب ان هجر بيته في سن الثانية عشر.

عميق جدا هو بودلير في فهم العالم والإنسان، وينبهنا إلى البداهات التي تحاصرنا دون أن نكنهها:

" نحن مسحوقون في كل دقيقة بفكرة الزمن والاحساس به، لا توجد إلا وسيلتان للنجاة من هذا الكابوس لنسيانه: المتعة والعمل. المتعة تستهلكما. العمل يقوينا. لنختر. كلما استعملنا إحدى هاتين الوسيلتين، ازداد قرفنا من الأخرى."
في يومياته كثيرا ما ردد بودلير تمجيده للشاعر والراهب والمحارب:
" لا يوجد إلا ثلاثة أشخاص جديرين بالاحترام: الراهب والمحارب والشاعر. أن نعرف،وان نقتل، وان نبدع"


وبالمقابل هناك سخط واحتقار لا يواريه بودلير - خاصة في يومياته-
" موظف نكرة، وزير، مدير مسرح أو جريدة، كل هؤلاء قد يكونون أحيانا جديرين بالاحترام، لكنهم لن يكونوا في يوم رائعين، غنهم أشخاص بلا شخصية، كائنات بلا خصوصية، مولودون للوظيفة، أي للخدمة العامة."
إنها أفكار من يبحث عن المجد، لكنه لا يتوان عن الاقرار بأن المجد:
" ليس سوى حصيلة توافق عقل مع غباوة امة"
يبقى الكتاب وثيقة مهمة لأنه لا يؤرخ لحياة بودلير الذهنية فحسب، بل لحياة عصر بودلير، وقد حفل الكتاب بالكثير من الأسماء التي أبان صاحب اليوميات عن حماسه لها أو أبدى بصدق جارح عن احتقاره لها. يقول عن واحدة من الكاتبات اللواتي قوبلن بالحفاوة والترحاب من طرف المجتمع الأدبي:
"..أن يكون بعض الرجال قد أغرموا بهذا المرحاض: دليل واضح على انحطاط رجال هذا القرن"
وفي مواجهة سان مارك جيراردن يتصيد له هفوة ليشهر به:
" سان مارك جيراردن أطلق كلمة لن تنسى: لنكن تافهين"

الأديب يجب أن يكون لسان حال عصره، هذا القول يجد تجسيدا له عند بودلير الذي كانت يومياته يوميات عصر بأكمله:
" كل شيء في هذا العالم ينضح بالجريمة: الجريدة والجدار ووجه الإنسان"

نقلت إليكم هنا بعض الشذرات من يوميات قرأتها فعرفت أكثر من هو شارل بودلير، فهو يظهر أكثر في اليوميات ، في حين يصعب الامساك به في ديوانه الشهير أزهار الشر، قد يعود الأمر إلى الترجمة، فهي الكبسولة السحرية التي تنقلنا من زمن إلى آخر ومن لغة إلى أخرى، وهنا أود أن أشيد بترجمة آدم فتحي لليوميات، فقد نجح في توصيل صوت بودلير إلى اللغة العربية.

اليوميات- شارل بودلير- منشورات الجمل- ترجمة آدم 1999

الأربعاء، 21 أبريل 2010

ساعة فرح وطفولة

ساعة فرح وطفولة
جمعية ولت للطفولة وجمعية ساعة فرح في ضيافة ثانوية الوحدة الإعدادية

يوم 09 أبريل 2010 عاشت تلميذات وتلاميذ ثانوية الوحدة الإعدادية أجواء من الفرح والسرور بفضل مبادرة جميلة من نوعها، إذ أقدمت جمعية ولت للطفولة بشراكة مع جمعية ساعة فرح على توزيع 66 دراجة هوائية لفائدة تلميذات ثانوية الوحدة الإعدادية التي تقع في محيط قروي، ويذكر أن ظاهرة الهذر بالمنطقة تهدد الفتيات المتمدرسات بشكل خطير ومتزايد.
وقبل انطلاق الحفل تم افتتاح قاعة جديدة للأساتذة مجهزة بثلاجة وأرائك وثيرة وموائد، وقد أكد الأستاذ عبد الله نايت داود من جمعية الآباء للجريدة أن القاعة هي تعبير من الجمعية عن تقديرها لمجهودات الأطر التربوية بالمؤسسة. رئيس جمعية الآباء بدوره نوه في كلمة بالمناسبة بالإرادة الفاعلة للأطر التربوية شاكرا إياهم على الساعات الإضافية التي تفضلوا بها، كما تقدم بشكره الجزيل للجمعيتين المبادرتين بتوزيع الدراجات على التلميذات.
الحفل الذي حضره النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية ورئيس المجلس البلدي وبعض رؤساء الجماعات المحلية والفاعلين الجمعويين لم يخل من الرسميات والكلمات الخطابية، وإن زينته لوحات فلكلورية لفرقة أحواش والفرقة الموسيقية لثانوية الوحدة الإعدادية بزيها الموحد.

وقد عبر ابراهيم الحوس عن جمعية ولت للطفولة أن الهدف الأساسي هو إدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال، نفس الهدف تسعى إليه جمعية ساعة فرح التي حضر ممثلها الهاشم بنبلا، وأكد في كلمة له بالمناسبة أن الجمعية حاضرة بمبادراتها الرائدة في الإقليم منذ سنوات، وهي الآن تجدد العهود وستواصل عملها في مختلف مناطق الإقليم المترامية.
كان للنائب الإقليمي ورئيس المجلس البلدي الشرف في بدء تسليم الدراجات الهوائية، وحظي الحضور الرسمي الوازن في الصفوف الأمامية باهتمام المنظمين، مما خلف جملة من الانطباعات والتساؤلات من قبيل: لماذا انسحب رئيس جماعة أديس أثناء توزيع الدراجات؟ وأي دور للنيابة الإقليمية للتعليم وللمجلس البلدي والجماعات المحلية غير تسليم الجوائز والتقاط الصور أمام العدسات؟ أيكون الحضور الفاعل للمنتخبين ومندوبي المصالح بادرة حسنة نحو تضافر الجهود بين كافة المعنيين بالشأن التعليمي؟
نأمل أن يوحد الفرح بين القلوب لما فيه صالح التلميذات والتلاميذ في هذا الوطن الكريم.


شكيب أريج-طاطا

الاثنين، 19 أبريل 2010

من يجرؤ أن يكون أوديب؟


من يجرؤ أن يكون أوديب؟
التبرير!
التبرير نوع من التبرؤ.
المبرر هو الكارت الذي نشهره مثل حق الفيتو حين نخطئ ، وهو يرقى إلى مستوى العادة البديهية في مجتمعاتنا. المبرر وإنتاج المبررات أمر سهل،
ونحن نحب كل ما هو سهل،
والطبيعة الخمولة فينا تجد طمأنينة وصمام أمان كلما قلت الروادع وتوفرت المبررات.
الطفل يكذب ومبرره الخوف من العقاب، التلميذ يسأله الأستاذ عن واجبه فيبرد الدم في عروقه ولا يجد جوابا مقنعا، يحاول أن يخرج من الفخ الذي وقع فيه بأي شكل، ولأن الكذب عادة مذمومة يلجأ إلى التبرير، وعنده انه كلما كان التبرير مقنعا كلما كان مفتاح الفرج أقرب، وفي غمرة المآزق التي نقع فيها ننسى أن هناك ردودا أخرى غير التبرير الفج الذي ما هو إلا عزاء عن الفشل ومسكن سريع الذوبان.
بالإمكان مثلا الاعتذار، أن يعاقب الشخص نفسه، أن يصلح ما أفسده، أن يعاود المحاولة ، أن ينتقد نفسه نقدا ذاتيا.
بالإمكان أفضل من التبرير لكنه عادة لها مبرراتها التي نقنع أنفسنا بها.








ألا نفهم أن لكل شيء مبررات!!،
فحتى القاتل له مبررات، السارق له مبررات، المتقاعس له مبررات، المتسلط له مبررات، الذي يضرب زوجته له مبررات، التي تخون زوجها لها مبررات.
نتذكر قصة أوديب الذي قتل والده، وتزوج أمه وأنجب منها ، وعرف ما اقترف فيما بعد. لم تكن للتبريرات سلطة عليه، مع أننا التمسنا له العذر لأننا نعرف أنه لا يعرف.
أما هو فقد فقأ عينيه.
اليوم المتسلط يقمع ويظلم ويثبت له أنه تمادى في سلطته وفي قمعه وأنه أخطأ، ويكتفي بتقديم تبريرات، ويصل إلى درجة إقناع نفسه وتصديقها.
من منكم.

من منا استطاع أن يكون أوديب بدل أن يكون ديب.؟
من يجرؤ أن يستبدل كارط المبرر بكارط العقاب أو بكارط الاعتذار على الأقل؟
من يجرؤ أن يعتذر لنفسه؟
من يجرؤ أن يحرق الكارت/التبرير؟
هل لديك مبرر للاحتفاظ به؟
شكيب أريج

الأربعاء، 14 أبريل 2010

فريق نادي أمل طاطا في رصيده0درهم ويحتل الصدارة في ترتيب بطولة عصبة سوس

توصلت مدونة الفوانيس بهذه المراسلة من فريد الخمسي- عضو نادي الصحافة بطاطا


ويستمر الحصار الممنهج ضد نادي أمل طاطا لكرة القدم

- في رصيده 0 درهم ويحتل الصدارة في ترتيب بطولة عصبة سوس-

يستمر إلحاق الحيف المقصود بنادي أمل طاطا الرياضي لكرة القدم* انظر الصورة* الذي التحق هذا الموسم بالقسم الرابع . من خلال الحرمان من المنح رغم انه حق مشروع للنادي وليس صدقة جارية كما يعتقد الذين يريدون لهذا الفريق الصاعد وأطره الشابة الاستسلام خاصة وان الفريق إلى حدود الدورة السادسة عشرة لعب 16 مقابلة للكبار و 10 مباريات للشبان خارج وداخل الميدان على طول مسافة تفوق في بعض المباريات 600 كلم نظرا لتواجد اغلب الفرق في محور تارودانت – تافراوت – اكادير - .
حصار النادي الرياضي يتم بشكل مدروس على يد رئيس المجلس البلدي لبلدية طاطا الذي يتهرب و يمتنع باستمرار عن منح الفريق الحافلة من أجل التنقل ، كما أن الحافلة الجديدة التي تم اقتناؤها من طرف عمالة إقليم طاطا في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بهدف محاربة الإقصاء الاجتماعي وفوتت للبلدية يتم منحها وبدون شروط لبعض الجمعيات المحظوظة المقربة ، في مقابل مطالبة نادي أمل طاطا بتسديد واجب التنقل والذي يتعدى مبلغ 1200 درهم لكل مباراة خارج الإقليم في تعارض تام مع أهداف المبادرة الوطنية . مما يفرض على المكتب المسير للنادي البحث عن وسائل نقل أخرى أقل تكلفة بتضحيات من مالكيها * أنظر الصور*
رغم أن معاناة اللاعبين والطاقم المرافق تكون جد صعبة وقاسية.
وقد أكد رئيس النادي السيد حمورو المهدي أن * الحكرة والحصار سيتكسر على صخرة التضحيات المادية والمعنوية للعديد من أعضاء مكتبه المسير وإطاره التقني والطبي والجمهور الطاطوي الشغوف بكرة القدم ودعم الأحرار من أبناء الإقليم وخارجه ، وان النادي سيستمر في تأطير حوالي 400 شاب. وفي تحقيق النتائج الايجابية تشريفا لكل الطاطويين والطاطويات . ولن يجدي نفعا لا الحصار ولا الحسابات السياسوية الضيقة الهادفة لإقبار الفريق وأحلام اللاعبين الشباب ضدا على الروح الرياضية وأهداف النادي النبيلة وتوصيات المناظرة الوطنية للرياضة الوطنية.
لاعبون صمموا العزم والثقة في النفس على تحقيق النتائج الجيدة واحتلال صدارة الترتيب أمام فرق ذات تجربة طويلة ولها إمكانيات مادية كبيرة وبنى تحتية في المستوى ، في مقابل توفر نادي أمل طاطا على رصيد صفر درهم وملعب بلدي بئيس لا يحمل إلا الاسم وتسكن مرافقه المزرية كلاب ضالة * .
إنها بالفعل مفارقة عجيبة غريبة في طاطا المنسية التي نهبتها المافيا والمفسدون وتحالفت عليها اللوبيات حسب تعبير الخمسي فريد رئيس الفرع الإقليمي للمركز المغربي لحقوق الإنسان بالإقليم
وللإشارة ففريق نادي أمل طاطا لكرة القدم فاز ببطولة الخريف ويحتل الرتبة الأولى برصيد 33 نقطة إلى حدود الدورة السادسة عشرة متبوعا بوصيفه نادي سبت الكردان ب 28 نقطة .

الخمسي فريد مراسل وعضو نادي الصحافة بطاطا
ملاحظة:بالنسبة لصورة فريق أمل طاطا في الملعب العشوشب، فالمكان هو الملعب البلدي لأيت ملول- عمالة إنزكان ولاية أكادير وليس ملعب طاطا البئيس

مدير مجموعة مدارس السميرة يعتقل ثلاثة أساتذة داخل مقر الإدارة

توصلت مدونة الفوانيس بهذا الخبر من فريد الخمسي- نادي الصخافة بطاطا


مدير مجموعة مدارس السميرة بطاطا يعتقل ثلاثة أساتذة داخل مقر الإدارة

في سابقة خطيرة من نوعها على المستوى الوطني ، وتفعيلا للسلوك المدني في أرقى تجلياته ، أقدم المدير الظاهرة لمجموعة مدارس السميرة الملقب *بحمو رابي* على تنفيذ عملية احتجاز واعتقال في حق السادة الأساتذة : خالد جبري - حسن علاوي- محمد مومن الإدريسي مساء يومه الخميس 8 أبريل 2010 بعدما اقفل الباب بالمفاتيح من الخارج وتوجه إلى مقر سكناه من الساعة السادسة وخمسة دقائق إلى الساعة السادسة وخمسة وأربعون دقيقة إلى أن عاد ليفتحه من جديد بعد تدخل الكاتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم * ك د ش * بفم زكيد لدى النائب الإقليمي بطاطا ، وقدوم رئيس مقاطعة التفتيش للوقوف على حيثيات هذه الواقعة الغريبة .
وتعود وقائع هذه الحادثة إلى مساء يوم الخميس 8 ابريل 2010 على الساعة الرابعة والنصف مساء حين قدم مدير م م السميرة إلى فرعية أولاد جامع التابعة لنفس المجموعة المدرسية ، فطلب منه السيد حسن علاوي باعتباره مكلفا بمهة المدير المساعد بتحديد موعد لتقديم بريد يهم وثائق السادة المدرسين العاملين بالفرعية نظرا لغياباته المتكررة عن الإدارة ، وفعلا توجه السيد المدير المساعد إلى مقر الإدارة رفقة الأستاذين خالد جبري ومحمد مومن الادريسي على الساعة الخامسة وخمسين دقيقة بموافقة المدير ، وبعد أن قدم له الأستاذ خالد جبري أربع نسخ من تظلماته بخصوص النقطة الإدارية الممنوحة له طالبا من المدير الاحتفاظ بنسخة رابعة لديه موقعة من طرفه ، فكان رد المدير الامتناع والتعنت الشديد ، مصرحا أنه حتى وان تدخل الوزير شخصيا لن يسلم الأستاذ المعني أي نسخة ضاربا عرض الحائط كل التشريعات الجاري بها العمل على المستوى الوطني في باب التراسل الإداري . وبعد أن طالبه الأستاذ خالد جبري بإعطاء مبرر معقول لهذا الرفض ، ثارت ثائرة المدير ووصل به حد الوقاحة إلى سبه وطرده خارجا ، وبعد تدخل الأستاذين الآخرين لتهدئة الأوضاع ومطالبة المدير بحل المشكل بالحوار المسؤول ، ثار من جديد وأوصد عليهم الباب بالمفتاح وتركهم محتجزين داخل مقر الإدارة قرابة الساعة من الزمن. نيابة إقليم طاطا المتواطئة مع الإدارات الفاشلة
هذه الاهانة الحاطة من كرامة السادة المدرسين اعتبرها عضو مكتب النقابة الوطنية للتعليم * ك د ش * بفم زكيد الأستاذ سعيد بختة بالتحول المفاجئ لدى هذا المدير المتسلط من ما يسمى بمدرسة النجاح إلى مدرسة الاحتجاز التعسفي ، مؤكدا أنهم لن يسكتوا على هذا التعسف الخطير وسيطالبون بمحاسبة هذا المسؤول عن كل الخروقات والتجاوزات التي ارتكبها وبتواطؤ مع النيابة الإقليمية بطاطا لسنوات منذ أن كان مشرفا على تسيير م م انسولة والتركة العجيبة التي خلفها هناك خاصة القضايا التي رفعت ضده في المحكمة الابتدائية بطاطا ، إلى حين انتقاله إلى م م السميرة ومعه رصيده الهام من الانتهاكات والشطط في استعمال السلطة . كما حمل مدير الأكاديمية الجهوية بجهة كلميم السمارة مسؤولية إقبار التقرير الذي أعدته اللجنة الجهوية الموفدة للمؤسسة السالفة الذكر يوم 19 يناير 2010 للبث في التسيير التربوي و الإداري والمالي للمجموعة المدرسية. احتجاجات الشغيلة التعليمية بطاطا أمام نيابة إقليم طاطا
وموازاة لذلك وجه الفرع الإقليمي للمركز المغربي لحقوق الإنسان بإقليم طاطا شكاية إلى السيدة كاتبة الدولة لدى وزير التربية الوطنية المكلفة بالتعليم المدرسي تطالبها بالتدخل العاجل لصون كرامة الأساتذة المتضررين . وتحذر من مغبة طي الملف والتستر على الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان الصادر عن مدير م م السميرة كما وقع في حالات مماثلة سابقة.

الخمسي فريد

الثلاثاء، 13 أبريل 2010

مدير الثانوية التأهيلية الجديدة بطاطا يشهر عضوه التناسلي



مدير الثانوية الجديدة التأهيلية بطاطا يشهر عضوه التناسلي

في سابقة من نوعها أقدم مدير الثانوية الجديدة التأهيلية بطاطا على حركة لا أخلاقية ولا تربوية، في الوقت الذي كان فيه أساتذة يحتجون أمام باب المؤسسة ضدا على أسلوب الترهيب والتهديد الصادر من نفس المدير، وقد تعودنا أن نرى هذه الحركات في الميادين الرياضية لدى الجماهير اللارياضية، وفي دور السينما من الدرجة الثالثة، وها نحن عشنا إلى الزمن الذي يخرج فيه مسؤول إداري عضوه التناسلي مشيرا به في حركة هيستيرية إلى المحتجين.
وقد كان المدير المعروف بقفشاته القراقوشية قد سب الواقفين بسباب يندى له الجبين. وقد فرت بعض التلميذات وهن يرين المشهد، وتفاجأ رجال ونساء التعليم الحاضرين ولم يصدقوا أنفسهم، وشلت اياديهم على عدسات آلات التصوير، فالفعل الساقط لم يكن متوقعا.
وفي مساء نفس اليوم أصدرت النقابات التعليمية بالإقليم بيانا تنديديا، أشارت فيه باحتشام ولغة أخلاقية إلى الفعل اللأخلاقي، وصبيحة يوم الثلاثاء23 مارس أعاد نساء ورجال التعليم وقفة أمام نفس المؤسسة، ليقفوا مرة أخرى على سلوكات المدير الحمقاء، فقد قام أولا بتصوير المحتجين، ثم عاد ليبصق عليهم، وعاد مرة أخرى يصفق بجنون ويسب بعبارات نابية ويصفق باب المؤسسة وراءه، وقد تحلق حوله تلاميذ وتلميذات المؤسسة يتفرجون على حركاته الهيستيرية البهلوانية، وقد يتساءل البعض لما لم يرد على بصاقه وسبابه أحد، والجواب ببساطة لأن ما يقوم به هذا المدير يدخل في خانة الحمق والعربدة، وكان ابلغ جواب عليه هو تجاهله.


شكيب أريج

سيرة الكائن- الكعجول



ســــيرة الـكـــــائــــن
"الكعجـــول"

على سبيل التقديم:


عندما خلقه الله قال له: " اذهب فأنت غابة بأكملها وبقية الناس أعشاب بشرية"
هو الجبل وبقية الناس أحجار متناثرة، هو النسر وبقية الناس ذباب، هو التبر وبقية الناس تراب، هو العقل وبقية الناس أفكار شاردة..
عندما خلقه الله قال له: " اذهب فأنت الشمس وبقية الناس شموع باهتة، اذهب فأنت القلب وبقية الناس مشاعر تافهة.
هو "الكَعْجُولُ بنُ سَنْكُوحُ الْبِرِحْتِلِّي". الكائن البشري المحض، الغير قابل للتحديد، المتواجد بكثرة، المختلف إلى حدود الانقراض. غامض كما الماس، حر كما البحر، مثير كفقمة صغيرة التبست ألوانها، معقد كنظرية هندسية، عارم كثورة عظيمة..
أعتذر إن كنت تجاوزت حدود المدح والتقريض..العنوان أعلاه (سيرة) وأنا لا أميز بين فن السيرة والتأبين.. سأحاول أن ألزم الحياد ما قدرت فنبهوني من حين إلى آخر.

***
كيف يعانق الديك الدجاجة؟

يسكن مغارة موغلة في التوحش. المغارة توجد في شوارع مدينة "الْعْوِينَة". رقم المغارة لمن أراد زيارته 176 ، رغم اهتمامه بالسياسة والفنون إلا أنه أتبث فشله الذريع فيها- عن جدارة واستحقاق-.
لا يزال يذكر الثورة الأولى التي قام بها في "الْبُلِّيعَة" دفاعا عن الأيتام والأطفال. لكن نجاحه الحقيقي كان باهرا في مشروع الدجاج. هذه المخلوقات التي رباها وتربى معها، ومن خلالها تعرف على "فَلَّسْتِ الحِنَّة". هذه الشخصية التي يكتنفها الغموض تماما، فلا نكاد نعرف عنها شيئا إلا أن الكعجول حكى عنها كثيرا. وفي آخر حفل نظمه -بدون مناسبة- تحدث عنها بإسهاب قائلا:
- " لم تكن علاقتي بالدجاج لتتطور وتتخذ أبعادا (سوسيوسيكوبوليتيكية) لولا تعرفي على السيد "فلست الحنة" من خلال كتابه العظيم (كيف يعانق الديك الدجاجة؟) هذا الكتاب الذي تطرق إلى فترة غابرة من الوجود، قبل حتى أن يُخلق سيدنا آدم، وتطرق إلى سؤال لطالما حيرني: من الأسبق البيضة أم الدجاجة؟ ناقش "فلست الحنة" الأمر بموضوعية بحثة، وانطلق من فرضية غريبة (ولا شيء أغرب من وجودنا) ماذا قال "فلست الحنة"؟"
وصمت الكعجول حوالي نصف دقيقة كعادته.
وأستميحكم عذرا في أن أشرب قبل أن أكمل، فتلك عادتي أنا أيضا..
ماذا كنا نقول؟.. قال الكعجول:
" قال "فلست الحنة" إن البيضة كانت في الأصل ذات شكل مثلثي، يعتقد أنها كانت تقبع فوق أعلى قمة من العالم، وتبدو مثل قبة، شكلها المثلثي لم يأت صدفة ولم يتحول صدفة، فهناك تحولات جيولوجية حثيتة وحسابات زمنية دقيقة قادت "فلست الحنة" إلى الجزم بأن البيضة المثلثية الشكل تعرضت أولا لزحزحة أقدم وأشبه بزحزحة القارات، ثم تدحرجت ببطء من الأعلى إلى الأسفل، وأثناء عملية الدحرجة التي اصطلح عليها "فلست الحنة" عملية "الدَمْلَكَة" تغير الشكل المثلثي واتخذت البيضة شكلها المثلثي الذي يتناسب مع المرحلة.."
عملية "الدَمْلَكَة" هذه -التي فلق الكعجول بها رؤوسنا- المستقاة من مصدره الغريب "فلست الحنة" لم يقتصر على استثمارها في أصل النوع بل وجدناه يفسر بها الكثير من أمور الحياة والعالم، ويزاحم بها أعتى نظريات التطور، فهو يعتقد أن رؤوسنا المستديرة كانت في الأصل مثلثة، ويجادل في مسألة كروية الأرض مؤكدا أن الأصل هو الشكل المثلثي!

الديك الفصيح في البيضة يصيح
اللغة نفسها لم تسلم من عملية "الدملكة" في اعتقاد الكعجول، وقد كانت محورا لاشتغالاته وأبحاثه في مغارته بـ"العوينة" وتتلخص نظريته التي قدمها مؤخرا في "المحضرى" (والمحضرى حسب التعبير الكعجولي هي الجامعة) في محاضرته التي يزاحم بها دوركاييم على عرش الدراسات اللغوية. يتناول الكعجول في محاضرته عدة جوانب في اللغة:
- أولا: حذف الضمائر بحيث يمكن التعبير باللغة دون التباسات ودون تعقيدات، وحذف الضمائر يعني تصفية اللغة من الكلمات التي تساعد على الاخفاء والنفاق، فكاتب لا يستعمل الضمائر ..يعني كاتب لا ينافق، كاتب صريح لا يضمر. يَذْكُرُ الكعجول أن الضمائر انتشرت كالفطر في الآونة الأخيرة لاخفاء الكلمات المحرجة أو الكلمات البذيئة أو للتستر على أسماء معينة أو للتحرش أو لِلَّفِّ والدوران. ومخافة أن تتحول اللغة المستقبلية إلى ضمائر يدق الكعجول ناقوس الخطر داعيا إلى لغة لا تلبس طاقية الاخفاء، لغة مباشرة، لا تخجل ولا توارب، لغة صريحة خالية من التعقيد، ولم ينس الكعجول أن ينبه إلى أن مبدأ حذف الضمائر في عرف المنافقين قد يدعى وقاحة وسفالة.

- ثانيا: المبدأ الثاني هو تحرير اللغة، فالكلمات ألفاظ محايدة، هكذا فكل الألفاظ يجب أن تقال، وحدها المعاني التي يختزنها العقل البشري قابلة للتصنيف إلى قبيحة وجميلة، وفي نظره أن الابقاء على حروف الألفاظ في وعينا الشقي مع وسمها بالعيب هو إساءة وتهمة جزافية لهذه الحروف البريئة.

- ثالثا: التركيز على البعد الاجتماعي السيكلوجي للغة، ويهدف هذا الجانب إلى إزالة الحواجز بين أفراد العائلة الواحدة، وإلى توحيد لغة البيت ولغة الشارع، وفي انتظار أن يفصل العلم تكنلوجيا بين اللغتين، فتلبس (فكا متكلما) مثلا حين تخرج من البيت، وتلبس طقما آخر وأنت تتحدث إلى رئيس العمل، وحالما تدخل البيت وتجلس مع العائلة المحترمة الموقرة تكون قد غسلت فمك بمحلول، في انتظار ذلك على الإنسان المعاصر أن يتفادى الازدواجية في اللغة قدر المستطاع، خاصة عند المتعلم الذي تصعقه المفارقة ويتلون وجهه مرات عديدة وهو يشاهد فلم "كزا نكرا" مع أفراد العائلة.
و من جهة أخرى لم يغفل الكعجول خطورة الانفصام الشخصي الذي يؤدي بالشخص الواحد إلى استعمال أكثر من مستوى في اللغة للحديث إلى نفسه.
هذه مناقشة علمية لاموضوعية لها علاقة وطيدة بسيرة الكائن، لكني أجدها قد نأت بي بعيدا عن فن السيرة وعن سيرة الكعجول اليومية، لقد أتبث فشلي الذريع في سرد السيرة وهذا كنت أصبو إليه، سأنزل من هذا المنبر الخطابي العتيق، وسيكون السرد من الآن بواسطة المصورة اللغوية التي التقطت بها بعض يوميات الكعجول سيكون ذلك في رأيي المتواضع أجدى، لنجرب ذلك:

***

الصورة الأولى بالأبيض والأسود ليوم بالأسود والأبيض:

لقد أعدت ترتيب الأشياء (المنظمة)..
استيقظت هذا المساء باكرا، بعد أن كنت نائما طوال النهار في الثلاجة..
جميل أن تكيف نومك، عداد الثلاجة كان صالحا لأن يكون مصباحا ومنبها، المبرد خير وسادة تضع عليها أو فيها رأسك، صفيحة الباب هي نعم الغطاء الإلكتروني.
مشطت شعري بـ "السَفَنْتُوحَة" التي أهداني إياها صديقي "العريف" و"السفنتوحة" هي آلة بدائية تصلح لتمشيط الشعر ولحرث الأرض أيضا.
الليل كتاب أسود مفتوح والنجوم أطفال أغمضوا أعينهم، وغاب القمر..
حدقت جيدا في الظلام الحالك كنت أبحث عن خط أبيض أقتفي أثره..لا أدري أين يقودني لكني أؤمن أن هذا الشعاع هو قدري..
توقفت كما العادة أمام "الجعقة" أقصد "الحلقية، أرى لسنا يتحرك بدون وجه. كان اللسان يتكلم.. بدأت أستغرب حين رأيت آذانا كثيرة تشرئب نحو مصدر الصوت، ووجوها دون ملامح يتناثر عليها رذاد اللسان... وجوه بيضاء واجمة مضحكة، ومن مضحك الأشكال الجامد الأبدي، الذي يصيخ السمع إلى الأبد دون جدوى، أو الذي ينفخ في مزمار إلى الأبد في مشهد مستمرأبدي، وعبثا بدون جدوى.
أشتري كل الجرائد.. أعود إلى سريري، أقصد ثلاجتي، أغلق الباب.. وأعودإلى موتي المؤقت.

***

الصورة الثانية: للبيض الأبيض في اليوم الأسود

(البيض) طعامي المفضل، وأنا طباخ البيض الأمهر.
حين أتجول في سوق الدجاج أشعر أني في جمهوريتي الأسيرة، أصواتها تطربني، أشكالها وألوانها تثيرني.. هناك من يستغرب من ولهي بالدجاج، لكنه لا يستغرب من وله بعض الناس بالطوابع البريدية أو بالمسلسلات المكسيكية.. شعب الهنود المنقرض كان شعبا مثلي يقدر الدجاج ويفتخر الناس فيه بوضع الريش على رؤوسهم، أكره أن أقلد هؤلاء الهنود لذا صنعت لنفسي قلادة فريدة من نوعها، وخرجت أتجول في شوارع "العوينة". العيون كلها كانت تركز على القلادة، فكرت أنها فكرة جيدة لتحويل عيون الناس عن عينيك فهم ينظرون إليك بوقاحة، حين تضع قلادة كهذه فعيونهم تقع في الفخ وتنصرف عن عينيك حتى لو كنت مصابا بحول ثلاثي.. ما هو الحول الثلاثي؟!
والله لا أدري!!
انتشلتني من تفكيري العميق ثلاثة عيون كانت تحدق في بوقاحة.. كانا يتجهان نحوي، الأول يراني بعين واحدة والثاني أحول لا أدري أين تتجه نظراته، أإلى عيني أم إلى القلادة؟! ربما هذا ما يمكن تسميته بالحول الثلاثي، خاصة أن الوجهين السياميين قد التصقا ببعضهما حتى اختلطت ملامحهما.
سألني الأول:- ماذا تعني لك هذه القلادة التي تتوسطها بيضة كبيرة؟
سألته بدوري: -ماذا تقصد القلادة أم البيضة؟
تدخل الثاني قائلا: - طبعا نقصد البيضة؟
ضحكت مزهوا وأنا أتابع سيري:- العقل الأعور والعقل الأحول لن يميزا أن هذه البيضة هي بمتابة صورة للدجاجة حين كانت صغيرة.
تركتهما يقلبان النظر إلى الداخل وإلى الخارج ويضربان عقلا بعقل مستغربين.
في الصباح أكنس مغارتي بـ"السَبْرُقٌشَّة" وهي مكنسة من اختراعي واسمها ليس أكثر غرابة من "سواتش" أو "نايك". صنعتها من ريش الدجاج وحرصت أن تكون متعددة الاستعمالات، فبالإمكان تحويلها إلى مروحة متى شئت ذلك.
عزلة المغارة تمكنني في كل مرة من اكتشاف الذات والأداة، فعادة ما نكتشف الأداة فنضيع الذات وهو ما يحصل لنا في عصر غدونا فيه عبيد أدواتنا، وقد نفلح في اكتشاف الذات فنضيع الأداة ونغدو عبيد أفكارنا. وها أنا أكتب الآن عن الذات فألزمها ألا تنس الأداة "ستيلوريش"-قلمي المفضل- رمز هويتي، وما عجبت إلا لكاتب يتقيأ الحروف ضد الغرب الفاسق الفاسد دون أن ينتبه إلى القلم بين أصابعه ينتحب ضحكا: (يا أمة ضحكت من جهلها الأمم).
***
الصورة الثالثة: حين يكون يومك خروفا

بعد أن أقرأ كل جرائد العالم (الجرائد التي اشتريتها ذلك اليوم).. أخرج لأرى العالم فأجده على خلاف كل الجرائد..
كوكبة من "الفقمازيريين" تعترضني – والفقمازيريون- هم فصيلة الأشرار في العاصمة "العوينة" وكالعادة فصيلة الطحالب هذه التي تعيش في المستنقعات تطلب مني أن أذبح رأسي وأقدمه هدية لزعيمهم، ويبدو ذلك واضحا من طلب أحدهم:
- ثيابك الجميلة أنسب وعاء لنا، قلادتك الجميلة أجمل حلية في أعناقنا، أقدامك السريعة أسرع خادم لنا،من وجهك المتلون نستمد ماء وجوهنا، ألا تستضيفنا يا أبا المكارم في مغارتك، أم يهون عليك أن نبقى قراصنة هذه الطريق القاحلة.. لمن تتركنا يا أبانا.. ويا أخانا.. ويا أرأف علينا منا..
رَقَّ قلبي ساعتها، انجرفت أحاسيسي كتربة نهرية.. ذبحت رأسي أمامهم وقدمته لزعيمهم.. أحسست وعيني تدوران في محجريهما أنه يقلِّب رأسي فترتج الرؤية وتنقلب.. رمى زعيم "الفقمازيريين" برأسي في جرابه.. تَعَتَّمَتِ الرؤية.
فيما بعد عرفت أنه غير قانع بالصنيع الذي قدمته.
بعد أن تخلص الفقمازيريون مني، بعد أن امتصوا عروق دم رأسي، بعد أن مثلوا بمشاعري المرهفة- دون أن يقصدوا طبعا-.بعدها انصرفوا عني تاركين رأسي يتخبط في ظلمات وظلمات.
***

هرعت إلى مغارتي وهناك وجدت صديقتي "مَعْمَعْتِ البَنَّة" تطبخ طعام العشاء. نبهتها أن لا تنس إضافة البيض (طعامي المفضل). كانت "معمعت البنة" تتصرف معي بتلقائية، وكان شعرها الموجي الأسطوري فراشا نجلس عليه معا تارة، وتجعله ستارة تحجب به جسدها حين تريد تغيير ملابسها تارة ثانية، ومعطفا أسود تلبسه أو نلبسه معا حين يداهمنا البرد تارة ثالثة، ومروحة تطرد الذباب والبعوض وتعطر الجو بالنسائم الأنثوية تارة أخيرة ( لا أدري من استعمل "تارة" هذه لأول تارة).
ترقص "معمعت البنة" فأكتشف روعة شعرها، وأشعر أن إيقاع الحياة الذي يسري فينا يدعونا للرقص فنتقافز، ونخجل، ونتباطأ، ونتشنج، ولا يجيد رقصة الحياة إلا من تكون بجانبه "معمعت البنة" تعلمه الخطوات الأولى في الرقص، هكذا يمضي بنا الليل إلى أن ننزوي داخل الثلاجة. أطفئ الضوء وأوصد الباب خلفي بإحكام.

***
على سبيل الختم:
هي سيرة لن تحيط بها إحاطة الخاتم بالأصبع إلا إن عشتها، وأحسب نفسي راو فاشل حين لا أقدم إلا نتفا من سيرة كعجول لا أجد له وصفا أعم من "الكائن"، وهو بالفعل طفل كائن في أعماق كل منا يمارس شغبه الجميل، ويراقص حياته كما يراقص "معمعت البنة". هذه الأخيرة موجودة أيضا في حياة كل واحد منا، فليراقص كل كائن "معمعة بنته"، ها أنا أدعوكم لأن تعيشوا حياتكم لا أن تقرؤوها.

شكيب أريج

الاثنين، 12 أبريل 2010

مدارات الكتابة في ديوان خارج التعاليم ملهاة الكائن للشاعر رشيد الخديري


مدارات الكتابة
في ديوان"خارج التعاليم ملهاة الكائن"* للشاعر رشيد الخديري

شكيب أريج- طاطا

" الورق
حتى هو
بأنفه الأفطس
وظهره المتقشر
لم يطمئن إلى منظر الزرافات
مرة تزحف
ومرة تجري " (**)

إذا كان الورق الأفطس المتقشر لم يطمئن لحروف تدب حياة عليه، فكيف يمكن أن أطمئن إلى ديوان يعلن منذ عنوانه خروجه عن التعاليم، ويعلن منذ الإهداء الذي خصني به الشاعر أن الديوان ثمرة خطاياه وعقوقه على السلطة الأبيسية بشتى أشكالها وتمظهراتها. كيف يمكن أن تختلق وئاما سلميا وأنت تقرأ فاتحة )خارج التعاليم(:
" سامحني يا أبي إن أخطأت
يوما تدرك أني كنت
على صواب"(ص07)
وهي عبارة تذبحك من الوريد إلى الوريد، لتقف على مضاضة الحد بين الصواب والخطأ في زمن الأدعياء والأوصياء.
هل نقول إن الشاعر رشيد الخديري في ديوانه الأخير" خارج التعاليم "، يفرغ نفسه حد الموت كي يمتلئ بملاك أنثى؟. قد يستوعب هذا التساؤل مدار الكتاب الإبداعية ككل، وقد يسعفنا في الإنسياب بدعة وبقلق في مدارات رشيد الخديري الشعرية.

• مدار الموت:
بتعميده القصيدة بتيمة الموت يكون الشاعر رشيد الخديري قد أشعل القناديل المبتلة، وحرك الأجراس في ذلك العمق السرمدي ليبدو لنا جوهر (الموت) في قراراته رقراقا صافيا.
وبين أسطر القصيد وفي ثخوم المعاني تصاحب تيمة الموت الرؤية فتسيجها وتلونها بالغموض والغرابة، وبالمرارة والحلاوة.
هل الموت مخيف؟ قوي؟ مسيطر؟
(أنت نفسك دليل حي/ على أنه ليست كذلك)، هكذا تجيبنا الشاعرة البولوندية "فيسوافا شيمبورسكا"، لكننا لا نجد هذه الحيرة تكتنف الإحساس بالموت عند رشيد الخديري، فالموت بالنسبة إليه، محطة الوصول: " حين أموت يا يوربيدس قل لأمي/ سنلتقي هناك " (ص67) وهو الأمان بعد رحلة الألم: "ما الموت ما لم يحفظني في قلبه؟"(ص67)والموت هو الحياة:
" وإذا ما مت يوما – هذه وصيتي –
أنا حي
أنا حي
أيها لموتى(ص17).
وكأن هذا المقطع ينطق بحال لسان الحلاج:
أعمى بصير، وإني أبله فطن ولي كلام إذا شئت مقلوب
فنحن أمام رؤية مقلوبة للعالم، الموت هو الحياة والحياة هي الموت. ورغم أن الصورة تبدو معقدة إلا أن اكتناهها هو اكتناه الوجود. فإذا كانت الحياة هي" ما جناه علي أبي" استنادا إلى المقول الشعري المأثور للمعري، فإن من أهم مبادئ الخروج عن التعاليم :" هذا ما جنيت على نفسي/ أعدوا/ نعش إقباري"(ص27)، في دلالة صارخة على أن الانطلاق إلى الموت =( الحياة والخلود) هو في حد ذاته خلاص من حياة مميتة مريرة " ما أمر هذا الوجود"(ص36)
الحياة الحقيقية تأسيسا عل هذا المعنى نتتساءل، أتتواجد أمام الباب أم خلفه؟ تجيبنا مرة أخرى الشاعرة "شيمبورسكا" :
" دائما ما يأتي الموت متأخرا
عبثا تمسك على نحو عنيف بمقبض اليد
لباب غير مرئي
فمن أدرك هذه اللحظات
أدرك أن الموت ليس بقادر أبدا على اختطافها"
وأدرك أن لاشيء " يشعل قنديل عشبنا سوى الموت"(ص09)،وأن لا جواز لنا في زمن الفقر والحرمان والأبوة الغاشمة إلا الموت(ص11)، وبه نحقق حياتنا(ص29). هكذا تحضر على امتداد الديوان رؤية تناهض الحياة المعذبة المشحونة بتعاليم الآباء وهي رؤية غير بعيدة عن المطالبة بالحق في الموت والإعلاء من قيمته:
سأحيا يا يوربيدس كي أستورق الموت(ص68)
إنه الطموح المشروع في سبيل تأشيرة السفر من السؤال إلى اللاسؤال، وفي سبيل الخروج من ظلمة رحم الحياة إلى برق الأبجدية(ص59).

• مدار المرأة:
باستسلام سنبلة لحد المنجل يمنح الشاعر للمرأة:
أنت أيتها المرأة لك
ا
ش
ت
ع
ا
ل
ي"(ص49)،
لكن ما المرأة؟ أكل امراة هي أنثى؟ هو السؤال الجوهري الذي يثيره القصيد عند رشيد الخديري:
( ما الفرق بين والأنثى والمرأة؟
غير خلل
في نطف التكوين) (ص25).
في زمن خانت فيه الأشياء والموجودات معانيها، فلم تعد أوفيليا هي أوفيليا:
(أنت لست امرأة
بل عجينا
و
ح
ط
ا
م
ا) (ص16).
في زمن الاندحار والهبوط . كل القيم تنزل بما في ذلك الأنوثة والمرأة والحب:
(هذه المرأة خانت ود السماء
فلتصعدي هبوطا هبوطا
أيتها القناديل المبتلة) (ص15).
وقبل أن يكون الحب موضوعا لعلاقة المرأة بالشاعر، وأقنوما للخروج عن التعاليم، نقف أمام هذا الاستفهام الاستنكاري:
( ما الحب
وقد مشى في أثر أوفيليا الرخام؟)(ص47).
ثم تطالعنا صور أخرى تسائل المرأة: هل تعرف الحب؟ هل تعرف جسدها الخشبي من جسدها الحصان؟ هل تعرف من أين ينبثق الحب؟ .
وما يزال الشاعر الذي ينتصر لقيم الأنوثة حائرا حول حقيقتها وطبيعتها، وسرها فهي الأنثى/ المرأة وهي الوردة والشوك، وهي الصحو، والسكر وهي الجرح، والسكينة، لذلك يسائل الشاعر في حيرة شبيهه في العشق امرؤ القيس:
(كيف آخيت بين حجر وحجر
بين دمع ودمع؟
مشيت في أثرها)(ص35).
توجه الشاعر إلى المرأة هو توجه إلى مركز الكون وجوهره، هو توجه إلى القلب الذي يمتص العالم، أو بالأحرى هو الانجذاب والامتصاص نحو هذه البؤرة التي جاز لنا أن نقول مع "بول كارول" إن حبها هو"رعبنا" وأن عينيها والجمال الكائن بهما حسب( د. جونز) هما اكبر لص تحت قبة السماء.
لكن مع الشاعر رشيد الخديري في "خارج التعاليم" نحن أمام بيان يعلن فيه ن اضمحلال الأنوثة، وعن كون المرأة في زمن الملهاة هي إما سرير للبغاء المقدس، وإما شهوة مطفأة (ص46)، فهو لا يعبر عن رعبه من جمالها، بل يعبر عن اشتعاله بالمرأة ومر آلامه منها.
هكذا شكلت المرأة مدرا لتصورات ورؤى الشاعر عن الحب والجنس والأنوثة. رؤى تنطلق من آلام ومعاناة اليومي ومن احتكاك الندى(شاعرية الشاعر) بساطور(الواقع اليومي الفج/ الفظ)
النص مع الشاعر رشيد الخديري -هو قبل وبعد كل شيء- البرق الذي يتيح للوعي أن يستشف عالما لا حدود له، ولذلك فهو إضاءة للوجود المعتم :
( ماذا أفعل بالشمس
وكل جسدي
منافذ ضوء)(ص71 ).
إنه الشاعر حين يتوحد مع النص، وتسري في عروقه الأبجدية ( تحت قشرتي تسكن الأبجدية) (ص34 ). هذا الإندغام في النص معه /وبه /وفيه يدل على أن الشاعر يقد الحرف من دفق إحساسه، وأن مدارات الكتابة لديه رهينة بانبلاج القصيدة (ص31).
وعلى هذا الأساس فكل قصيدة هي شمس، وشمس الشموس -فيما يبدو لي- هي قصيدة "ملهاة الكائن"، واسطة عقد الديوان وبؤرته، وليس عبثا اختيارها لتكون العنوان الفرعي على الغلاف، بخروجها عن الأنموذج شكلا ومضمونا، وبتداعي صورها تجعلني أقر مع "سان جون بيرس" أن الشاعر(سيد شعب من الصور)، ففيها يعلن الشاعر خروجه عن وصاية الآباء اللغويين والفراهديبن وأبوة المؤرخين والقبليين وأبوة النقاد والشعراء.. يخرج عن الطابور ويمتشق قصيدة تصدم أفق القاريء، تقلقه، تنغص عليه الحرف والكلمة والمعنى. تغضبه، تدهشه، تحرق دماءه على طريقة نيرون، بل والأكثر من ذلك، تجعل أنفاسه متسارعة، وتتركه لاهثا وراء ملهاة الكائن.

وختاما فالديوان يبلور رؤية هذا الكون الصغير(الإنسان)، -على حد تعبير أدونيس- وشهوته لاحتضان الكون الكبير، وتلبس اللانهاية، لذلك "فالورق، حتى هو، بأنفه الأفطس، وظهره المتقشر، لم يطمئن إلى منظر الزرافات، وهي تجري في دمائه، بدون أعناق "، فكيف يطمئن الورق إلى رؤية مدججة بالشموس.

(*) ديوان "خارج التعاليم" ملهاة الكائن، الصادر عن مطبعة أنفو برانت سنة 2009 هو الديوان الثاني في مسيرة رشيد الخديري الإبداعية بعد ديوانه الأول "حدائق زارا" الصادر سنة 2008. يقع هذا الديوان الشعري في 69 صفحة من الحجم المتوسط ، وبلوحة من إنجاز الفنان التشكيلي اليمني صالح الشبيبي، ويضم بين دفتيه 7 نصوص شعرية هي : خارج التعاليم، الظل، موت يوربيدس، صنبور الأسئلة، ملهاة الكائن ،سركون بولص، العقاب.

(**) محمد بنطلحة، ليتني أعمى، فضاءات مستقبلية- دار القرويين. طبعة 2002

نشر بالمنعطف الثقافي- العدد 262- السبت/الأحد 14- 15 نونبر 2009- ص9