الثلاثاء، 27 أبريل 2010

نادي الهامش القصصي يجعل زاكورة عاصمة للقصة القصيرة


نادي الهامش القصصي يجعل زاكورة عاصمة للقصة القصيرة


جعل مدينة زاكورة مركزا ثقافيا. المساهمة في خلق حركية إبداعية بالمنطقة. الرقي بالذوق الإبداعي و الأدبي المحلي. التعريف بالقصة القصيرة كجنس أدبي متميز. الاحتفاء بالمبدعة المقتدرة مليكة نجيب و تجربتها الممتدة لأزيد من عقدين.
إذا كانت هذه هي الأهداف التي سطرتها جمعية الهامش القصصي بزاكورة في ملتقى بوزفور القصصي التاسع الذي تسهر الجمعية على تنظيمه سنويا فإنه يمكن القول باطمئنان أن الجمعية هذه السنة بلغت أربها، فعلى مدى ثلاثة أيام احتضنت مدينة زاكورة مجموعة من المبدعات والمبدعين على رأسهم قيدوم القصة المغربية أحمد بوزفور الذي يسمى الملتقى باسمه والقاصة المبدعة مليكة نجيب المحتفى بها. بهرت مدينة زاكورة الضيوف بحفاوتها وسخائها، وأدهشوا بدورهم الحضور والمتتبعين بتواصلهم وشاعريتهم التي تدفقت من بين سطور السرد.
ملتقى بوزفور القصصي التاسع كان فرصة لإثارة مجموعة من القضايا الثقافية والإبداعية، ولعل أكثر المواضيع إثارة للنقاش هو النقاش المسؤول الذي عبر فيه كل عن وجهة نظره التي تحترم، ويتعلق الأمر بقضية الأدب النسائي من جهة وبقضية الهامش من جهة ثانية.

إشكالية الهامش والمركز:
حسب الناقد عبد العاطي الزياني وهو عضو من أعضاء نادي الهامش القصصي فإن الهامش يقع في ملتقى مباحث معرفية وتعبيرية مختلفة، إذ يتماس مفهومه بحدود الجغرافية المكانية والثقافية والاجتماعية، وتتباين دواله من حقل لآخر، ومن سياق لغيره، ولذلك فالهامش في صنوف الفنون ذات البعد اللغوي تنأى قليلا عن الارتهان بالتجلي أعلاه المتمثل في الجغرافيا أو غيرها، رغم التأثيرات المتبادلة بشروط ما." ويضيف أنه من الممكن ربط الهامش بالهامشي.
بالرجوع إلى نادي الهامش القصصي فإن في مركزته للفعل الثقافي في مدينة قصية مثل زاكورة تذويب لأسطورة المركز، علما أن مصطلح عاصمة يتناقض في أساسه مع مصطلح الهامش، فالمراهنة على اعتبار زاكورة عاصمة للقصة المغربية، هو رهان مشروع وطموح من أجل أن لا يكون هناك أي تهميش أو هامش.
وعلاقة بالموضوع لم يفت القاصة المحتفى بها مليكة نجيب أن تعبر عن رأيها في كلمتها الافتتاحية قائلة: "أشكركم أصدقائي أعضاء نادي الهامش وأخالفكم الرأي بالتمييز بين إبداع المركز وإبداع الهامش" على الرغم من أن القاصة نفسها اعترفت في نفس الكلمة بانتمائها للهامش: "أشكركم على هذه الالتفاتة التي خصصتموها لكاتبة تنتمي إلى الهامش، قذفتها حافية الاتجاه إلى محطة بالمركز بالصدفة."
اختيار الهامش منطلقا واسما قد نجد له ما يبرره في كلمة للمبدع محمد العناز المدير الإعلامي للملتقى إذ ورد في تقرير أعده أن زاكورة "إذا كانت قد ارتضت لنفسها هذه الهامشية كخيار أنطولوجي، فإن نادي الهامش القصصي صنع منها عاصمة جديدة للقصة القصيرة بالمغرب انطلاقا من تظافر جهود عدة: عمالة الإقليم، المجلس البلدي، نيابة وزارة التربية الوطنية، دار الثقافة"
أن تكون الهامشية خيارا أنطلوجيا قد نفهم منه ذلك التمسك برفع الحيف عن المناطق القصية وإيلاءها ما تستحقه من اهتمام على اعتبار أنها فضاءات بكر، لا زال الإبداع غضا، ثرا بها، لم تدنسه أو تعبث به الرسميات والشكليات، لكنه قد يحيل في الآن ذاته على استرخاص الذات وتبخيسها.

تسمية الكتابة النسائية:
كان من المتوقع أن يهيمن النقاش حول ما يسمى بالكتابة النسائية أثناء الملتقى، على اعتبار أن اسم المحتفى بها اسم نسائي، وقد توقفت كلمة نيابة وزارة التربية الوطنية بإقليم زاكورة الذي ألقاها بالنيابة السيد محمد بومنديل في حفل الافتتاح على الرمزية التي تطبع هاته الدورة المتمثلة في الاحتفاء بالقاصة ملكية نجيب بوصفها إحدى الأسماء الإبداعية التي طبعت مسار الكتابة النسائية بالمغرب، وأشار مدير دار الثقافة بزاكورة السيد حسن العمراني إلى الأسئلة المخصوصة، والراهنة التي يطرحها الأدب السردي النسائي، بدءا من تجربة الكتابة عند مليكة نجيب بوصفها احتراق بالنار. هكذا فإن سؤال الكتابة النسائية لم يثر في صميمه خلال اليوم الأول، حتى أن كلمة جمعية الهامش رحبت بالكاتبة المحتفى بها لا على اعتباركونها امرأة كاتبة بل بناءً ما قدمته هاته المبدعة الأصيلة للقصة وللقارئ معا، هذا دون أن ننسى أن موضوع الدورة هو بالبند العريض: (دورة الكتابة النسائية) وهو ما دفع القاصة المبدعة مليكة نجيب إلى التعبير عن موقفها بقولها: "أخالفكم الرأي بالتمييز في تسمية الكتابة النسائية فهي كتابة بأقلام نسائية ولكنها كتابة تروم التحدي والحضور والخلق وتدعوا إلى هدم كل معاقل التهميش والوصاية، هو إبداع يتواصل مع إنسانية الإنسان المهددة بالانقراض أينما حل وارتحل". ولم يتسن للحضور مناقشة المسألة بعمق إلا صبيحة اليوم التالي حيث عقدت ندوة تحت عنوان: " بلاغة السرد في تجربة مليكة نجيب" سيرها باقتدار الناقد الدكتور عبد العاطي الزياني الذي أشار إلى أنه ثمة تسميات ومسميات عدة تطلق على الأدب الذي تكتبه المرأة فهو: الأدب النسائي/النسوي/أدب المرأة/كتابة المرأة / الأنثى والكتابة/ أدب الجواري/ أدب سيدات الصالون/أدب الأظافر الطويلة/ أدب الحريم..وينساق رأي الناقد الزياني مع الطرح القائل بخصوصية الإبداع الذي تكتبه المرأة، وعلى هوية الأنوثة المهيمنة فيه. بعدها توالت الآراء بنفس الصدد أحدها استشهد بكتاب ترجمه محمد صوف" النساء يكتبن أحسن" الذي تؤكد فيه الكاتبة الأرجنتينية "أنا ماريا شوا" أن الرجال الذين يكتبون أحسن هم في الأصل نساء، وأنهم/أنهن يصدرن عن حس أنثوي، بمعنى أن الإبداع خصيصة أنثوية تماهيا مع قول ابن عربي "المكان الذي لا يؤنث لا يعول عليه". في حين تساءل القاص محمد كروم: أيمكننا أن نقرأ الإبداع ونحدد جنس صاحبه إذا لم نطلع على الاسم؟ القاصة مليكة نجيب تحدثت انطلاقا من تجربتها، وعبرت في مداخلتها أن جميع المواضيع تشغلها، وهي لا تختزل الوضع الإنساني في شقه المتعلق بالمرأة وقضاياها، وأوضحت أنها كانت دائما تُساءل عن موقع المرأة في إبداعاتها وأن بعض القراء يضعون اعتبارات قبلية وهم يواجهون إبداعا أنثويا، حتى أن بعضهم ينجرف نحو إسباغ التذكير على اسمها خاصة إذا تم قلب الاسم: "نجيب مليكة".

لقد كانت زاكورة عروسا للقصة القصيرة،وكان نادي الهامش القصصي في موعده السنوي وفيا لتقليد جميل يكرسه ضد ثقافة القبح وثقافة التهميش والإقصاء، ولعله بتكريمه للقاصة المبدعة مليكة نجيب يكون قد لفت الانتباه أكثر إلى القيمة الاعتبارية لما أبدعته هذه الكاتبة على مدى ثلاثة عقود، ويكون قد ضخ في دمائها دماء جديدة تزيدها توقدا وتوهجا.

شكيب أريج-

ليست هناك تعليقات: