الجمعة، 25 يونيو 2010

أيها الأدباء لا تحلموا بجرأة:حرب بين مصطفى الغتيري وحراس النوايا حول قصة قصيرة جدا



أيها الأدباء لا تحلموا بجرأة


حرب بين مصطفى الغتيري وحراس النوايا حول قصة قصيرة جدا


هل يكتب الكاتب وقائع؟؟ هل يروي حقائق؟ هل ينقل للقارئ معارف؟؟
المبدع يكتب ويبني قصورا من الوهم، يحلم ويمارسه حقه الطبيعي في ذلك، وقد يعبر عن نوايا تدور بخلده، أو شكوك تخامره.. ومن يبحث عن الحقيقة لا يجدها عند الأديب، فلا هو مهندس خرائط جيولوجيا ولا هو مخبر في خلية علمية، هو قد يوحي بالحقيقة، قد يوميء بها، قد يشكك فيها، قد يطرحها سؤالا، ولكنه لا يمتلكها ولا يدعي أنه يمتلكها.


المبدع الأديب ليس حانوت معرفة يقدم دروس التاريخ والفلسفة والجغرافية والدين، هو بالكاد يسرب الماء الذي تبحر فيه هذه القارات المعرفية.
مناسبة هذا الكلام هو قصة قصيرة جدا كتبها الأديب المبدع مصطفى الغتيري ونشرها في مجموعته " تسونامي" سنة 2008ص16بعنوان" خداع" والقصة هي كالتالي:


في رحاب الجنة ،كان آدم وحواء ،متثاقلين ينقلان خطواتهما ..بانتشاء يتمليان روعة المكان من حولهما ..فجأة تبدى لهما رجل غريب الهيئة ،لا يرى عليه أثر السفر.. ما لبث أن طفق يغريهما بتناول ثمار الشجرة المحرمة..مليا نظر إليه آدم ،ثم فكر: " أبدا ،لا يمكن أن يكون هذا الرجل شيطانا ..فالشيطان مطرود من رحمة الله ،ولا يستطيع مطلقا دخول الجنة" . اطمأن آدم إلى حجته ،فالتهم هو و زوجه التفاحتين دون إحساس بالذنب.



هذه القصة التي تحيلنا على مجموعة من المرويات القدسية في الكتب السماوية وعلى مجموعة من المرويات التراثية في التاريخ الإنساني يعيد الغتيري كتابتها دون أن يدعي أنه يصحح أو يصوب،أو ينتقد.. فالتعاقد الواضح بينه وبين القارئ منذ البدء هو"قصص قصيرة جدا" هذه الكتابة التي تبدأ من ما هو قدسي، وتنطلق من قبسة من القرآن الكريم رأى فيها البعض تعديا وجراءة وحللتها بعض الأقلام، وكأنها حقائق تحتاج إلى أسندة صحاح ومصادر موثوقة. وقد رأى فيها البعض استهزاء وافتراء غير محسوبي العواقب، ثم ارتفعت أصوات تنادي بوضع حدود!!.


مثلا يمكن أن يحد السي الغتيري من جموح خياله!؟ ويمكن أن نطالبه بأن يتوهم قليلا وان ينوي خيرا!؟؟ لا يحق له أن يفترض أو يأول تأويلات جمالية أو فنية؟؟ وحين يطرح السؤال عليه ان لا يكذب؟؟


للذين يطالبون بوضع الحدود، سأقول لهم احرصوا على تقزيم أحلامكم قبل النوم، ولا تستيقظوا وقد فضحتكم أحلامكم..


القصة حلم صغير جدا.. وسؤال كبير جدا.


والذي يسال لا نكذبه، ولا نصدقه.


أعتقد أن الذي يناقش الكاتب الغتيري حول قصته لا يجب ان يتحدث معه على اعتبار أنه راو ثقة أو غير ثقة، أو يجادله حول حقيقة ما رواه، هل يكذب السي الغتيري أم يصدقنا القول؟؟؟


معروف أن الكاتب يكذب وفق تعاقد مسبق حين يقول لنا: هكذا سأكذب عليكم، او وفق تعاقد: لنفترض أن...


ولهذا فهو لا ينصب حبائل النصب والاحتيال، وتقتنا في أدبه وابداعيته تزداد، وهو ليس ملزما بأن يقدم لنا سلسلة المصادر والاحالات التي اعتمدها، لأنه يحاول أن يتشرب الواقع وأن يعطي بعدا آخر للمعرفة الفكرية الناجزة.


خلاصة القول لا يمكن باي حال ان تقوم اي علاقة بين نص قدسي عقدي، من يصدقه مؤمن ومن يكذبه كافر، وبين نص بشري يصرح كاتبه أنه قصة قصيرة جدا من ابداعه. والحال هكذا فمن يجهد نفسه في تصديقها- القصة- او تكذيبها عليه أن يراجع قدراته الأدبية والفكرية.


شكيب اريج

ليست هناك تعليقات: