السبت، 27 يناير 2007

دكتاتورية الشيوخ

دكتاتورية الشيوخ
قِيادَةُ المرأَةِ للسَّيارة بين الواقع والأسطورة

من غرائب الدعوة السلفية ومغالاتها التي تفضح التشدد وهوس مفتيها في إصدار فتاوي التحريم فيما أصبح يعرف بظاهرة فريدة وعجيبة تستحق الدراسة والبحث، وفيما أخذ يعرف بظاهرة "فوبيا التحريم". ومن ذلك فتوى تحريم قيادة المرأة للسيارة.
هؤلاء الذين أعلنوا منذ بدايتهم تمسكهم بالكتاب والسنة نجد أنهم يصدرون عن أهواء غريبة لا تمت للدين الإسلامي بصلة تحت ذريعة الغيرة على الأخلاق وحفظ عفاف المرأة وإذا سايرناهم في هواهم ومنهجهم السلفي فلا نجد لديهم نصا واحدا من القرآن أو السنة يتبث ما زعموا. ودون أن يحصل إجماع من الأمة أو يجدوا لأنفسهم مخرجا بقياس منطقي وواضح نجدهم يتعنتون في تحريم ما أحل الله.

من خلال كتيب قيادة المرأة للسيارة بين الحق والباطل الذي كتبه ذياب بن سعد الغامدي وقام بمراجعته وتقريظه شيوخ السلفية أعرض هذه القضية ليس بهدف تبيين أن قيادة المرأة للسيارة حق وتحريم قيادتها باطل بل لأستعرض أسلوب الشيوخ الأفاضل في مناقشة قضية من صميم المجتمع والحياة الواقعية ولأعرض لتهافت آرائهم التي أقول أنها لا تمت للدين الإسلامي بصلة، فهي في حقيقتها أفكار تدعو إلى الحذر الزائد والمبالغ فيه وترى أن السلامة في بقاء الوضع على ما هو عليه وفقا لمقولة هذا ما وجدنا آباءنا عليه.

أول ما يبدأ به الكتاب هو أسلوب جميل لسماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين يدل على تمثله لقول الله تعالى: "وجادلهم بالتي هي أحسن" فالشيخ الذي يرى أن بيته من زجاج وأن جلوس المرأة/العورة وبين يديها مقود إلى الرذيلة يثمن كتاب تلميذه بقوله: "وبيَّن أنَّ الدعاةَ إلى خروج المرأة، وقيادتها لهم أهداف سيئة، ومقاصد ممحوقة"
الجميل في كلام الشيخ أنه يحاسب النوايا فكل من راجع الأمر في نفسه وقلبه ليخلص إلى أن القيادة من حق المرأة فهو سيء النوايا وهو من الدعاة إلى خروج المرأة عن الشرع. ليس غريبا على مفكر بمنهج سلفي أن يعطل فكره في قضية تخص المجتمع ويقصي كل من تهجس نفسه بعكس ذلك. ويتابعه تلميذه ذياب بن سعد الغامدي قائلا:" خرج علينا بعض المثقفين : بثقافات باردة، وأراء فاسدة؛ وذلك في إثارة بعض القضايا التي كنَّا ـ جميعاً ـ في غنىً وسلامةٍ منها !! ."
في حقيقة الأمر تبقى مجادلتهم بالتي هي أحسن هذه شعارا طنانا لا يتمثله السلفي إلا في مناقشة تلميذه أو أستاذه أما "المثقفين" فهم من أهل الرأي الفاسد والثقافات الباردة، ولعل أطرف شيء هو دعوة الغامدي المستثرة إلى ترك بعض القضايا وعدم الإلحاح في طرح الأسئلة لأننا "في غنى وسلامة منها"!! .
هناك قولة تقول "العقول الكبيرة تناقش الأفكار والعقول المتوسطة تناقش الأحداث والعقول الصغيرة تناقش الأشخاص" ولأن الشيخ يعجز عن مقارعة الحجة بالحجة فإنه يسعى إلى تشويه صورة كل من سولت له نفسه الدفاع عن حق المرأة في القيادة فهو:-المدافع عن حق المرأة- مستغرب ومندهش بتكنولوجيا الغرب ومتفسخ وما إلى ذلك يقول الشيخ الدكتاتور : "إذ بنا نجد بعض أبناء جلدتنا ممن يتكلمون بألسنتنا، ويستظلون تحت رايتها في ظل هذه البلاد الإسلامية، التي هي مهبط الإيمان، وأرض التوحيد ـ نجدهم منساقين إلى هذه الظلمات دون بصيرة، كأنهم إلى نصبٍ يوفضون !، متساقطين في أحضان الغرب دون روية، لاهثين وراء كل ناعق؛ ظنَّاً منهم أن حياة الكفار هي رأس الحضارة، وعاداتهم أساس التقدم، وأفكارهم مصدر الاستنارة … !" هكذا ينسج الشيخ خيوط مؤامرة تستهدف المسلمين بأن تقوض من بنيان الإسلام وذلك بأن يكون للمرأة الحق في السياقة ! ! !. إنها لغيرة مبالغ فيها وانه لمنهج يقاضي الأشخاص لا أفكارهم وحتى إن كانت هذه الأفكار وجيهة وصائبة فهي من الهام الغرب! ! !.
ومن درر المنهج السلفي في مناقشة الآراء واستعراضها نجد عمل الشيخ الدكتاتور على تصنيف الآراء( وهو على الأقل عمل يدل على الاعتراف بوجود آراء أخرى وهو ما يشفع للشيخ في أن يكون الحوار والنقاش مستمرا)
أصحاب الرأي الأول هم الطباخون- أصحاب الرأي الثاني هم الذواقون- أصحاب الرأي الوسط وهم أهل العلم؛ مصابيح الدُّجي، وأعلام الهدى(ولا ندري كيف أقحم الشيخ الوسطية هنا)
من خلال هذا التصنيف الذي نقبل أن يكون فنيا ولا نرى أنه يخاطب الناس إلا من منطق أحادي متعصب يرى أنه لا يأتيه الحق والباطل من بين يديه بعد أن رفع بيننا وبينه القرآن على رمح عمرو بن العاص
[1] وكما يقال "النور يبصر النور والظلمة تبصر الظلمة".
فلنسمع ما جاء من تقريظ في حق الطباخين: "عصفت بهم الأهواء، وماجت بهم الشهوات،" من الأهواء أنهم لم يرو من داع للتحريم . ومن الشهوات أنهم متلهفين لرؤية المرأة تقود السيارة ! ! ! لاحظوا أننا إلى الآن لم نطالع حجة واحدة أو دليلا واحدا، لنعتبرها واحدة من غرر السلفية التي تسفه صاحب الرأي أولا وبعدها يكفي أن يقول الدكتاتور: لا لقيادة السيارة للمرأة، لنعتبر حكمه عين العقل والبرهان الدامغ.
يتحدث الكتيب عن ما وصل إليه الغرب من تقدم تكنولوجي وما وصل إليه من تفسخ في الأخلاق ويربط ذلك بقدرة قادر مع قيادة المرأة للسيارة وهو يريد أن يقول : السيارة نستثمرها في ما هو خير للأمة أما زوجاتنا فلا دخل لهن بالأمر وسياقة السيارة بالنسبة لهن خروج عن الشرع... لا يسعني هنا إلا أن استشهد بقول الشاعر لعل في ذلك سلوى لأولي الألباب حتى يتحملوا متابعة الجدال:
فمجادل وصل الجدال وقد درى أن الحقيقة فيه ليس كما زعم
ومن قال يوما أن المرأة التي تقود السيارة لا بد أن تدخن السيجارة؟؟؟ أسوة بصانعة السيارات من النساء الغربيات.. إن منهج المبالغة هو الافتراء المجحف الذي يسارع إلى تتبيث سلطة المنع.
فديتك يا أمي الحقيقة مزقي بنور الهدى والعقل ستر الغياهب
ولا تدعي الإخوان في أرضهم عدى بما زينت أهواء غاو و كاذب
إن دفاع شيوخ السلفية عن فتوى التحريم لا يستند إلى أي دليل من القرآن أو السنة أو العقل والمخرج الفضفاض للتشبث بهذه الفتوى هو الاستماتة في الدفاع عن شرف المرأة وعفتها وهو موضوع اعتقد انه بعيد عن موضوعنا الذي نتحدث فيه عن المانع من قيادة المرأة للسيارة. إن العلاقة التي يسعى الشيوخ إلى إبرازها هي أن عفة المرأة مرتبطة بكل نواحي المجتمع فهي إن تكلمت عورة إن خرجت عورة إن عملت عورة...
وان القارئ لفتاوي هؤلاء الشيوخ ليعجب حين يجد الشيخ يناقش قضية حجاب المرأة وعملها في معرض حق المرأة في السياقة! ! ! وكأنه استنفد الحجج وأسقط في يده. بل إن الإطناب في الموضوع يتجه بنا إلى تعداد أحوال المرأة في العصور الغابرة والأمم الماضية للتدليل على أن الاسلام أعطى للمرأة حقوقها يقول:" ولا أبالغ حينما أقول : لو أن أحداً أراد أن يكتب عن حقوق المرأة في الإسلام ومكانتها بين المسلمين؛ لنفدت بحور الحبر، وانثنت رؤوس الأقلام، وامتلأت صحفٌ وأوراق، وانقضت أزمانٌ وأزمان ... وهو بعدُ لم يفِ بجميع ما لها من حقوق في الإسلام ." وهو قول يناقض تنافس الشيوخ في التحريم،
ولا أرى داع لاستعراض هذا الكلام إلا كون الدكتاتور قد استكثر ما للمرأة من حقوق في الاسلام أو انه استشعر عظم تشدده وتضييقه على المرأة فأراد أن يبرر ذلك بتذكير المرأة بما لها من حقوق علها تتعظ وتتنازل عن حقها في قيادة السيارة.
فانظر إلى المقارنات كيف تحبط صاحب الحق وتردعه:
- ليس للمرأة روح( عند الرومان) / فالمرأة المسلمة : نورٌ، وحياءٌ، وأدبٌ، وعفاف، وطهرٌ، وجمالٌ ...
- المرأة في الهند تَعدُّ بعلها ممثلاً للآلهة في الأرض/المرأة في الاسلام في بيتها وعند زوجها : مخدومةٌ، مكرَّمةٌ.
- المرأة مسؤولة عن الشرور في النصرانية؛ لأنها كانت تخرج إلى المجتمعات، وتتمتع بما تشاء من اللهو، وتختلط بمن تشاء من الرجال كما تشاء
أما عن قولهم أن المرأة نورٌ، وحياءٌ، وأدبٌ، وعفاف، وطهرٌ، وجمالٌ فذلك لإشعار المرأة بقيمتها وان ما يقوم به الشيخ الدكتاتور هو الحفاظ على هذه الطهارة والعفاف ومن ماذا؟ من الخوف عليها من قيادة السيارة؟؟؟

أما حجتهم بأن المرأة في الاسلام يصونها زوجها في بيتها فهو ليس حقا بل انتهاك لحق كأن تقول للسجين ابق وراء القضبان لأني أخاف عليك من الشرور التي توجد في الخارج.وإذا تأملنا الصورة المقابلة في المجتمع الهندي القديم الذي كان يعتبر الزوج ممثلا للآلهة أمام زوجته فسنجدها مطابقة لصورة الشيخ الدكتاتور الذي يعتبر أنه الممثل الشرعي لروح الإسلام أمام الزوجة.

أما اضطهاد النصارى للمرأة حين اعتبروا أن في مخالطتها للرجال وفي خروجها للمجتمع شر فهو أمر ينطبق تماما على السلفية في عصرنا فكثيرا ما يستشهدون بالحديث التالي للدلالة على تبخيس المرأة وتهويل خطورتها: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال بعدي من النساء" وبإمكاننا هنا أن نقول أن الرجل من شأنه أن يحول المرأة إلى نعمة أو إلى نقمة وفتنة حسب تصوره للقضية، غير أنهم يرون أن خروج المرأة إلى العمل فسوق وتبرج وفي سفورها إخلال بالعفة فهل كل امرأة سافرة هي امرأة ماجنة؟؟ فلا منطق يربط بين السفور وانتشار الشرور في العالم إلا المنطق الرجعي السلفي.

إن الشيخ الدكتاتور الذي ما زال يسوي حسابات بائدة مع أعلام الفكر يحب دائما الرجوع إلى القهقرى فهو كلما واجه قضية واضحة للعيان مثل القيادة يرتد إلى محاسبة هدى شعراوي وسعد زغلول ورفاعة الطهطاوي وقاسم أمين لا لشيء إلا لأنهم فتحوا باب التحرر وعرضوا أفكارهم فلاقت قبولا واستحسانا من طرف السواد الأعظم ولا أجيبهم إلا بقول الشاعر:
إن كنت تفقه يا ذا الفقيه فلم تلحو فلاسفة دانوا بأفكار
هم يبحثون عن الباري وصنعته وأنت تبحث عن حيض وأقذار
يصل الفقيه إلى مربط الفرس حين يقول أن السبب في التحريم هو أن الدعوة إلى قيادة السيارة هي دعوة إلى كشف الوجه وتأملوا معي أسلوب المبالغة المجحفة:" فمن كشفت عن وجهها اليوم من الفتيات ستكشف غداً ـ في الأعمِّ الأغلب ـ عن رأسها، وصدرها، وساقيها" إن الدعوة إلى قيادة السيارة ليست هي الدعوة إلى التجرد من الملابس يا شيخنا...

نصل مع الشيخ إلى مربط الجمل هذه المرة حين يعلن بدون مواربة أن العفة أخذت من جميع الدول الإسلامية حين سمحت للمرأة بقيادة السيارة وأن بلاد السعودية هي بلاد العفاف. إن هذا القول الذي جاء في فتاوى شيوخ السلفية (الكبار في السن فقط) ليدل على نظرة عنصرية وإقليمية تجعل الإيمان موزعا بين المناطق بدرجات وطبعا الحظ الأوفر من الإيمان والعفة وحسن الخلق هو في البلاد التي تدين بالسلفية فكرا لا دينا فلنقرأ النص التالي حرفا حرفا لكي تعلموا أن ما قلته أعلاه لا يزيد عن ما جاء على ألسنة من سميتهم متعصبين ومتشددين:
"اليد التي تحاول أن تدفع المرأة السعودية اليوم ( لقيادة السيارة )، هي اليد نفسها التي تحاول أن تحسر الحجاب عن وجه فتياتنا... نناشدكم بالله - تعالى - ... أن تتركوا تلك البقية من نساء الأمة آمنات مطمئنات في بيوتهن... أفلا يكفي الاعتبار، والاتعاظ من جميع البلاد التي قادت فيها المرأة السيارة ؟، وأن يكون دليلاً واضحاً ـ فاضحاً ـ لكلِّ عاقلٍ ؟؛ حيث وصلت بهم الفضائح، والمساويْ مبلغاً يستحي من ذكره اللبيب !!"
وفي تحليل ذكي يبدو أن الشيخ السلفي قد توصل إلى أن المرأة الأوروبية قد خرجت للعمل بعد الحرب العالمية لأن الرجال قتلوا في المعارك( هذه المعارك التي لم يقتل فيها الأطفال والنساء؟؟؟؟) ولأن المرأة بقيت بلا معيل فتحتم عليها أن تخرج إلى سوق العمل، أيضا الرجل الغربي لم تعد له رغبة في الزواج وتأسيس بيت بل انشغل بأمور أخرى هذه مبررات خروج المرأة الغربية إلى العمل ويبدو أن الشيخ السلفي قد أجهد نفسه في إيجادها..فما هي يا ترى مبررات المرأة في الدول الإسلامية الأخرى؟
لا أستطيع الجواب عن هذا السؤال لأن السجين الذي ظل يقبع لسنوات خلف القضبان ولما رأى السجناء الآخرين يفرون فر بدوره وحاز على حريته، أنذاك يسأل في بلاهة: السجناء الآخرين فروا لحاجتهم الماسة للحرية فما سبب فرارك يا هذا؟
لنر الصنف الثاني وهم "الذواقون" وهؤلاء حسب شيوخ السلفية المنجرفين التابعين والمخدوعين وما إلى ذلك من أوصاف القصور التي تدل على رفعة سمو الشيوخ وضعة قدر المؤمنين بقضية عادلة وواضحة للعيان لا لبس فيها إلا من طرف المهووسين بالتحريم في كل آن ومكان.
والذواقون حسب الشيوخ باختصار هم من لا دراية لهم وعليهم أن يسألوا أولوا الألباب. لنر كيف تصفهم السلفية:" فهذه امرأة مطلقة تعالج القضية وكأن العصمة بيدها، وهذه طالبةٌ ساذَجةٌ تتكلَّمُ فيها بعاطفتها، وهذا طبيب يعالجها بسماعته الطبية، وهذا شاعر يصفها بشعره الخاسر، وهذا فنَّان يغازلها بطربه الفاتر، وهذا مهندس يحلِّلُها في معمله المبتكر، وهذا مُفكِّر قد فكَّرَ وقدَّر دون مُعتبر، وهذا محرِّرٌ مجهول ذهب يفسِّر كيفما يقول، وهذا بقَّال باع واشترى القضية بريال، والكلُّ لم يبرح يتكلم بالقيل والقال..الخ"
ولو جاز لنا أن نقول أن كل شخص عليه أن يلتزم بميدانه لجاز لنا أن نقول أن على المفتي الذي لا يفقه في أمور المجتمع (علم الاجتماع) أو الأمور النفسية (علم النفس) أو الأمور الاقتصادية (علم الاقتصاد) أو الأمور السياسية (علوم السياسة) أن يفتي فيها، كيف والأمر أن هناك أعلم منه في ذلك الميدان؟
إن السلفية في هذا الصدد ذهبت أبعد ما يكون حين قامت باستغباء عقول شرائح ممتازة في المجتمع من أمثال: الطلبة-الأطباء-الشعراء- الفنانون-المهندسون- المفكرون- المحررون..فلا أحد يحق له ولو مناقشة هذه القضية إلا علماء الدين فقيادة السيارات أمر ديني بحث!!
ولأن الشيوخ يؤمنون أن السواد الأعظم يعارضهم وأن كلامهم لا يقنع ولا يمنع ولأنهم يعرفون أن مسألة اللجوء إلى استفتاء للرأي أمر فيه كساد فتاويهم فهم ينددون بشيء اسمه "الديمقراطية" ولهذه عمري وهي التي لم أسمع عنها هي "دكتاتورية الشيوخ" واليكم بالحرف والاعتراف هو سيد الأدلة: " ولو أننا أردنا هذه المسألة وأمثالها " ديمقراطية " _ عياذاً بالله _ فليكن استطلاع الرأي حينئذ على كافة أهل هذه البلاد العزيزة، ولو حصل ـ جدلاً ـ لتجاوزت الأرقام الحسابات، وعلت الأصوات كل مكان؛ حتى أنك لا تجد أهل بيت مَدَرٍ، ولا حَجَرٍ إلاَّ ونادى : بمنع وحرمة (قيادة المرأة للسيارة)، في هذه البلاد، في حين تَخفث أصوات الآخرين، وتتلاشى أرقامهم بين الملايين ... فلله الأمرُ من قَبلُ، ومن بَعدُ ."
أحادي الرأي لا يؤمن إلا برأيه ويعتقد جازما أن رأيه مطابق لوحي الإسلام لذلك فلا عجب أن يحق له توجيه وجهات النظر الأخرى على اعتبار أنها ضالة ورأيه هو الذي لا يجانبه الصواب، الدائرة الضيقة التي يفتي فيها بعض العلماء وهي دائرة حدود جغرافية تسمى بلاد السعودية يصر فقهاؤها على اعتبار فتاويهم إجماع، نعم هو إجماع في حدود المملكة العربية السعودية، فلحسن الحظ ليس لدينا نسخ متعددة من ابن باز وابن العثيمين وابن الجبرين في البلاد العربية وإلا تم تحريم القيادة والشعر والرواية والتربية الموسيقية وعمل المرأة وو.. كل ما أحل الله. هذه الطائفة اللذين يسمون أنفسهم علماء وما درسوا علما سوى العلوم الفقهية، كيف يفتون في شؤون المجتمع وما تسلموا يوما شهادة من كلية العلوم والآداب الإنسانية كيف يفتون في أمور سياسية وما تسلموا يوما دبلوما من كلية العلوم السياسية، فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟ وهل وصلنا إلى الحد الذي نحكم فيه أمورنا الشخصية والعاطفية والاجتماعية إلى جهلة يلقبون بعلماء الأمة وتجاوزت أصواتهم وتطبيق فتاويهم الحدود الجغرافية للمملكة العربية السعودية. يؤمنون بالديمقراطية إلى النخاع ويعتبرون الدعوة إلى التحرر تطاولا ومساسا بالعفة في شتى الأحوال والحق أن الشيخ بحًت غيرته من أجل فتيات السعودية وحدها بل من أجل محضياته وحدهن فلنقرأ هذا المقطع الذي يفضح هلع الشيخ على المقربين فالمقربين:" إنا نناشدكم بالله - تعالى - ... أن تتركوا تلك البقية من نساء الأمة آمنات مطمئنات في بيوتهن، ولا تزعجونهن بأحلامكم وآمالكم"
نصوغ أيضا هذا النداء من القلب إلى القلب : نناشدكم يا شيوخ هذه الدعوة أن تتركوا المرأة وما كفله لها الله من حقوق ولا تحرموا ما أحل الله، ولا تضيقوا على حريات الناس فالعالم قد ضاق بتضييقكم وفهمكم المغلوط للشريعة الإسلامية السمحاء.


تحت عنوان كبير طنان، تكفي قراءته عند بعض أتباع السلفية ليسلموا بحرمة القيادة، يقول العنوان: : الأدلة الشرعية، والقواعد الفقهية الدالة على حرمة قيادة المرأة للسيارة. وحين نقرأ نجد الكاتب يعد ويعد بحصول البرهان الساطع والحجة الدامغة في دوران وفوران ونحن ننتظر ما يشككنا في قضية بينة" فأقول وبالله التوفيق : إن قضية ( قيادة المرأة للسيارة ) قد قام الدليل الشرعي، والبرهان الحسي على حُرمَتِها ومنعها، لهذا سأذكر ـ إن شاء الله ـ بعض الأدلة الشرعية والحسية القاطعة بتحريم ومنع المرأة من ( قيادة السيارة )، متجنباً للإطالة" وتحت عنوان فرعي بعد فدلكة لغوية طويلة فيه مرة أحرى: الأدلة الشرعية، والقواعد الفقهية. لا يبدأ باستعراض الأدلة الشرعية كما عودنا شيوخ السلفية بل يبدأ في تفسير ووضع المنهج والخطة المخرج من ورطة اعتصار فتوى غاية في التشدد. الجملة الأولى في الفقرة الخاصة بالأدلة الشرعية هي عن المنهج يقول: "أولاً : لا شك أن الأحكام الشرعية لا تخرج في أيِّ مسألةٍ عن الأحكام الخمسة وهي : (الواجب، السنة، الحرام، المكروه، المباح )" ويختم بوضع أقفال حديدية على العقل ولا أحد يحق له أن يجادل أو يتساءل: "والجواب على هذه الأسئلة ليس حقاً مشاعاً لكلِّ من هبَّ ودبَّ !، بل هو حقٌ لمن سَلِمتْ فطرتُه، وظهرتْ غيرتُه، وبان حياؤُه،"
أما عن الأدلة الشرعية التي ما فتئ الشيوخ ينبهون إلى استنادهم عليها وقد ألمح الشيخ الغامدي إلى أن لديه منها الكثير: "أنني لو تتبعتُ أو استقصيتُ هذه الأدلة؛حصراً وكتابةً لطال بنا المقام، وهي ـ ولله الحمد ـ عندي متوفرة موجودة؛ إلاَّ أنني آثرت الاختصار طلباً للفائدة"
[2] فإنني أقول باختصار ووضوح تام أنه لا توجد أي أدلة شرعية في الكتاب تمنع قيادة السيارة وكنت أتمنى أن أجد ما يمكن أن يبني عليه المسلم من القياس الصائب على الأقل واليكم الأدلة المتوفرة والتي يسد بها هؤلاء الطريق على كل من قال بقيادة المرأة والتي بسببها قد يكفرونك ويتهمونك بالطبخ أو التذوق:
- قول الله تعالى( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافع للنَّاس وإثمهما أكبرُ من نفعهما ) البقرة 219
-قال الرسول ص: أنه قال : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال بعدي من النساء "
- وقال ـ أيضاً ـ صلى الله عليه وسلم : " إن الدنيا حُلوةٌ خَضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون ؟، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء "
- لهذا اشتهر عن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت ترى منع النساء بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، من الذهاب إلى المساجد للصلاة، فيما روته عنها عمرة بنت عبد الرحمن : حيث قالت : " لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما مُنِعهُ نساء بني إسرائيل "، قيل لعمرة أو منعن ؟ قالت : نعم " في حين أنها تعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة، وهو قوله : "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهنَّ خيرٌ لهنّ"
- " لا ضرر ولا ضرار " رواه ابن ماجه.
- " إن الحلال بيِّنٌ، والحرام بيِّنٌ، وبينهما أمور مشتبهات؛ لا يعلمها كثيرٌ من الناس، فمن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينِه وعرضِه، ومن وَقَعَ في الشبهات وقَع في الحرام... " متفق عليه.
- " دَعْ ما يَريبُكَ إلى ما لا يَريبُكَ "
- البرُّ حسنُ الخلق، والإثمُ : ما حاك في نفسك، وكرهتَ أن يطَّلع عليه الناس " رواه مسلم.
ولأن شيوخ السلفية على علم أن هذه الأدلة لا تقنع حتى الأطفال الصغار فإنهم أطالوا في كتبهم وفي فتاويهم في استعراض المنهج الاحترازي والمشكك والملح على ضرورة المنع والتحريم.
ومنهجهم الغريب يبدأ بالعبارة التالية: " فالجواب : أن أصل مسألة ( قيادة المرأة للسيارة) الإباحة"
لكن المباح لدى السلفية هو في أضيق حدوده أمر خاضع للتبدل في كل زمان ومكان وهي عكس المقولة التي لطالما دافعت عليها السلفية في مجموع الأمور المتعلقة بالتحريم.
لنر كيف يمكن للشيخ أن يجعل المباح حراما يقول بأسلوب مبتسر: "المباح من الأحكام التي قد يتأثر، ويتكيَّف بالأحكام الأخرى ؛ خلافاً للأحكام الأربعة؛ فهي أصلية لا تتغير، ولا تتبدل بتغير الزمان أو المكان؛ بل ثابتةٌ وراسيةٌ مثل الجبال الرواسي؛ لأنها مستمدة من الوحيين – الكتاب والسنة - ."
والحق أن السلفية اعتبرت في هذا الباب أن المباح هنا هو من أجل الحرام وحسمت الأمر معتبرة أن القيادة فتنة تؤدي إلى محرمات لكنها وقعت في خطأ الاستشهاد بأدلة غير قطعية في المسألة وحين لم يسعفها القياس لأنه لم ترد أحاديث تحرم على المرأة ركوب الدواب، رغم أن الدواب ليست هي السيارة والطائرة والقاطرة، ولأن السلفية تعلم واقع الإجماع الذي لا يتجاوز فقهاء البلاط، وليس له من سلطة عملية أو تقديرية على باقي بلاد المعمور، لهذا كله نجد أن السلفية حكمت الأصل الخامس في الإسلام وهو الأصل الذي طالما استعملته السلفية كورقة فيتو. فكلنا نعرف أن الحجة اليقين هي من القرآن فإن لم نجد الحجة فإن السنة أكثر تفصيلا وهي الحجة وهناك الغالب الأعم من أهل السنة والكتاب من لا يتجاوز السنة والكتاب، لكن مع ذلك كثيرا ما نحكم الإجماع والقياس بعده وفي الأصلين الأخيرين نجد الكثير من الخلافات والشبهات وهو ما جعل مجموعة من المسائل ليست محل إجماع من طرف الأمة وفي حاجة إلى اجتهادات سديدة نعدمها في وقتنا الراهن، والكثير من القياسات لا تنطبق تماما على العصر الحالي نظرا لتباعد العصور فمثلا يصعب قياس مسألة الاستنساخ بمسألة مشابهة لها في عصر الرسول، إلى هنا نسلم مع جمهور الأمة بحقيقة الاختلافات الموجودة والأصول المتبعة، أما حين يتعلق الأمر بأصل خامس وهو باب سد الذرائع فالأمر لا يعدو عن كونه بابا للتحريم يبرر تحريم كل ما هو جديد تحت ذريعة الحرص والحذر.ورغم أن الشيخ يعظم من شأن هذا الباب ويعتبره من مقاصد الشريعة الإسلامية ولم يكن سد باب الحلال يوما من مقاصد الشريعة، لكن الشيخ يكفيه أن ابن تيمية استدل على سد الذرائع بـ(أربعة وعشرون) وجها، وكذا تلميذه ابن القيم بـ( تسعة وتسعين) دليلا. وهنا نقول أن أصول الشريعة الإسلامية ليست موضوعا للتزيد وكل يوم يطلع علينا من يضيف أصلا جديدا. المسلمون لا يخرجون عن الأصول الأربعة(القرآن-السنة-الإجماع-القياس) متى كانت الحجة سليمة وصحيحة وتابثة أما غير ذلك فموضوع مقاصد الإسلام ليس موضوعا للتزيد فالكل يعرف أن الإسلام دين يسر لا عسر، دين يشرع للتمييز بين الحلال والحرام ولم يكن الحلال لينقسم إلى حلال محرم وحلال بين إلا عند ثلة من الفقهاء المتعصبين في آخر الزمان.
وإليكم المواقف الداعية إلى التحريم والتي هي من باب ما يفترض أن يكون:
"فكم عفيفةٍ ذهب شرفها، وكم حرة خُدش حيائها؛ بسبب المواقف المحرجة التي تواجهها أثناء الحوادث المروريَّة؛ فهذا يساومها على عرضها، وذاك ينتهز ضعفها، وأخر يسترق عاطفتها"
إن وضع الاحتمالات بهذا الشكل لهو أمر يدل على وسوسة وليس على حرص، لأن هناك ألف احتمال وسيناريو غير هذا يوقعنا في حالة من الهوس والوسوسة حول مصائر علاقاتنا الاجتماعية وطباعنا النفسية.
وبعد أن يؤجج الشيخ غيرة المسلم على حريمه يسأله: "من هذا الذي لا يجدُ في نفسه غضاضةً عندما تقوم إحدى محارمه سواء كانت زوجته، أو أخته، أو ابنته؛ بقيادة السيارة ؟! . أفلا يجدُ في نفسه كراهةً حينما يشعرُ أن الناس يعلمون أن إحدى محارمه تقود السيارة؛ لا سيما وهي تجول في الطرقات، وتهبط الأسواق…؟؟"
والحقيقة أن الشيخ لم يطرح هذه الأسئلة إلا بعد أن وضع شرطا مانعا من الإجابة عنها فمن لا يشعر بالغضاضة والكراهية إزاء قيادة السيارة من طرف المرأة فهو إنسان فسدت فطرته وقل حياؤه : "والجواب على هذه الأسئلة ليس حقاً مشاعاً لكلِّ من هبَّ ودبَّ !، بل هو حقٌ لمن سَلِمتْ فطرتُه، وظهرتْ غيرتُه، وبان حياؤُه، فمن هذه حالُه فلا شك أن الغضاضةَ، والكراهيةَ يجدها ضرورةً في نفسه، والحياءَ، والخجلَ يعلوهُ طبعاً، وشرعاً"
وأية غضاضة سيجد المسلم حين يرى زوجته أو ابنته أو أخته تقود السيارة؟ وأي عار سيلحقه من ذلك إلا إذا كانت غايتها من قيادة السيارة هي معاكسة الشبان وإثارتهم وارتياد البارات والملاهي الليلية، أما إذا كانت غايتها هي الوصول إلى مكان عملها أو قضاء مصلحة من مصالحها فما العيب في ذلك؟
بعد أن أفضى الشيخ بأدلته الحاسمة والقاطعة في القضية وباختصار يحسد عليه لا بأس أن يستفيض في ما اعتبره شبهات:
- قيادة المرأة من ضروريات ومتطلبات العصر
- قانون قيادة السيارة في البلدان الإسلامية لن يكون كباقي البلدان الأخرى بل ستراعى فيه قضية السفور والاختلاط.
- إن ( قيادة المرأة للسيارة ) خير لها من الخَلوة بالسائق الأجنبي .
وهو لا يعرض هذه الآراء بحياد بل يعمل على تسفيهها ليس من باب سد الذرائع بل من باب سد العقول والختم على أقفالها. أما الشبهات الحقيقية فهي التي جاءت وابلا على لسان الشيخ حين تفتقت قريحته على مجموعة من الذرائع:
- من قادت السيارة من النساء سوف تكشف وجهها لتحذر عقبات الطرق، ومغبات الحوادث .(ولعله سبب كاف لاعتبار الحجاب اسم على مسمى يحجب عن المرأة أداء حوائجها وقضاء مصالحها)
- وسبب لكثرة خروجها من البيت، والبيت خيرٌ لها، وفتح الباب على مصراعيه لها بحيث تخرج متى شاءت، وإلى من شاءت، وحيث شاءت (يبدو جليا هنا أن منع القيادة هو بسبب رفض الشيوخ أن تخرج المرأة أصلا من البيت ويتضح سبب التحجر أيضا إذا اعتبرنا أن السيارة هي وسيلة للذهاب أينما شاءت ومتى شاءت فإذا كانت هذه هي الأسباب فالأمر في غاية الوضوح ويجب أن يتعلق الأمر بفتوى تحريم خروج المرأة من البيت والتوجه إلى أي مكان شاءت)
- تمرد المرأة على زوجها، وأهلها؛ فلأدنى سبب يثيرها في البيت تخرج منه وتذهب لسيارتها إلى حيث ترى …! (للجهل البين بأمور المجتمع يخلط الفقيه بين ما يتعلق بمسائل العصيان والعقوق ومسألة التمرد والخروج من البيت، ويختلق ذرائع واهية لمجرد أنها محتملة تصبح هاجسا ووسوسة ويربط بينها وبين منطق قيادة السيارة بشكل مجحف)
- مطالبة المرأة بصورتها في رخصة القيادة للتحقق من هويتها .(كلنا نعرف أن المرأة أيضا تفتش في الجمارك ويمكن نزع ثيابها إن اقتضى الأمر ذلك ولا يخفى على أحد أن القانون والأمن لا يتعارض مع الحياء والعفة لأنه يمكن تفتيشها من طرف امرأة من جنسها، فما أغرب هذا القانون الذي يبالغ في حشمته ووقاره إلى الدرجة التي يعتبر فيها رؤية صورة البطاقة عارا وسببا للفتنة وللغواية)
- المرأة سبب للفتنة في مواقف عديدة: في الوقوف عند إشارات الطريق . في الوقوف عند نقطة التفتيش. في الوقوف لملْأ إطار السيارة بالهواء " البنشر " . في الوقوف عند محطات البنزين . في الوقوف عند رجال المرور عند التحقيق في مخالفة أو حادث. في الوقوف عند خلل يقع بالسيارة أثناء الطريق.
(إننا أمام مجموعة من السيناريوهات التي تصلح لحلقات مسلسل تلفزيوني وقد تفنن الشيخ في إضفاء جو القلق والغيرة والخوف على فقدان الشرف، وإذا أردنا أن ننسج سلسلة أخرى من الهلاوس والتخوفات حول المرأة لعرفنا أن كل مكان تخطو إليه محفوف بقلق مرضي فحتى بيتها المصون لن يأمن من قصص مثيرة ومقلقة تقض مضجع الشيوخ الأفاضل لهذا نطمئنهم إلى أن الشارع ليس وكرا للذئاب والسفلة دائما وأن البيت ليس رمز الفضيلة دائما.)

كثر الكلام في الآونة الأخيرة عن ما يسمى بالإباحية ولكن هناك تغافل وتكتم عن ما يسمى بالتحريمية التي باتت تضيق على حياتنا اليومية والشخصية تحت لواء الدين والعفة ومحاربة الإباحية، إنها كلها مبررات للتدخل بين الإنسان ونفسه في شؤونه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنفسية مما يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان في القرن الواحد والعشرين.
تحت مظلة الدين التي يحملها شيوخ الوهابية الذين حولوا طاقات شبابية إلى متفجرات نجدهم يتسترون ويستميتون في دفاعهم ، تحت لواء الرجعية ومخاطبة الآخر على أنه ضال ومن الدواب نجدهم يسوقون دعواتهم وقد حشدوا كل الطاقات من أموال وشباب ونساء وأطفال. ما زال خطابهم وسيظل يتستر بنظرية المؤامرة التي تقول أن كل من يعمل فكره وكل من لا ينصاع لدكتاتورية الشيوخ هو مارق فاسق فاسد الدين. أقول أنها دكتاتورية مهووسة بالتحريم وقد جاءت كرد فعل على الانحلال والإباحية ليس لتحل ما أحله الله وتحرم ما حرمه بل لتحرم فقط وتعتبر كل ما هو حلال شبهات.
لقد تطرقنا إلى هذا الموضوع ليس بهدف مناقشة قضية بديهية هي سياقة المرأة ، لأننا نؤمن بأن العالم بطبيعته تقدمي وأن المرأة لا محالة سيكون من حقها قيادة السيارات والشاحنات والحافلات والطائرات والقاطرات والبارجات في كل بلاد العالم والشيخ الدكتاتوري سيعفو عنه الزمان ولن يعفو عليه التاريخ، هذه المناقشة أيضا كانت من أجل أن يعرف المثقفين والمفكرين أن تفكير الإنسان ما زال في حدوده الدنيا يقف عثرة في وجه التطور والتقدم وانشغال المفكرين والمثقفين بقضايا عالية التجريد والسمو في غفلة عن التفكير الذي يسود بين العامة من شأنه أن يؤجل التنمية والازدهار الفكري الشامل إلى أمد بعيد.

شكيب أريج
01/11/2006
[1] خدعة عمرو بن العاص التي استعملها في معركة صفين حين شعر أن جيوش معاوية منهزمة أمر بأن ترفع المصاحف على الرماح وقال بيننا وبينكم كتاب الله وهو حق اريد به باطل كما قال الامام علي
[2] الغريب أن أكثر من 90 في المائة من الكتاب لم يتطرق إلى الأدلة فهو يتحدث عن دعاة القيادة ومؤامراتهم ويصف الأخرين بالقصور دون أن ينتبه لحظة واحدة الى الاختصار والافادة

ليست هناك تعليقات: