الأحد، 30 ماي 2010

الوثنيون الجدد



الوثـــــــنيون الجــــدد

مخطئ من يظن أن الوثنية دين قديم، وانه مرتبط بالأوثان الأحجار.
إن مقولة هذا ما وجدنا عليه آباءنا هي مقولة قديمة جديدة، فلا زال المحافظون يستعملونها لتبرير وثنيتهم، وبموجب ذلك فكل قديم مقدس، والقديم هو الافضل في كل المجالات.

هكذا الوثنية هي دين المحافظين، على ماذا يحافظون؟؟
- على ما وجدنا عليه آباءنا- وهم اعداء التغيير يتعاملون بمنطق القديم، ليس في ما يخص الدين فحسب، بل كل ما يتعلق بالحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتجدهم لا يؤمنون لابمقتضى العصر ولا بفقه الواقع.
فيما يخص الدين يعملون بمقتضى الفهم الحرفي للنصوص لذلك اربكتهم فتوى الرضاع من الكبير، وحاروا في تفسير الفائدة في علم الاقتصاد، وفي التعامل مع اشكاليات جديدة: العولمة، العلمانية،مفهوم الدولة، الديمقراطية..

فيما يخص الحياة الاجتماعية أصروا على سجن المرأة في المنزل، ثم تقدم الزمن فوجدوا ان بقاء المرأة في المنزل أصبح أسطورة، فأصروا على عدم عملها، لكن هذا الامر أصبح واقعا
، فخففوا من نبرة التشدد فيه، وها هم يصرون على تقنين اللباس فيجدون أن الشارع يعج باشكال لم يدوزنوها ولم يضعوها في الحسبان، حتى الحجاب نفسه مُسخ ومُيع، أما النقاب فشكل شاذ.

فيما يخص الحياة الفنية والابداعية، تظل كماشة المحافظين متشنجة ضد كل جديد على مستوى الشعر والقصة والرواية والأغنية والرقصة والمسرحية، والغريب ان هذه الأجناس غيرت ضدا على إرادة الوتنيين،
في الشعر: أبو نواس، المتنبي، المعري، نزار قباني، محمود درويش، جبران خليل جبران.. وهي قوى تقدمية لم تترك للمحافظين الوثنيين إلا أن يجلسوا في مقاعد الفرجة نافخين الأوداج، حرَّى أنفاسهم من الغيظ.
أبو نواس
أبو العلاء المعري
أبو الطيب المتنبي
جبران خليل جبران
تزار قباني
محمود درويش

في القصة والرواية: يوسف ادريس، يوسف السباعي، جمال الغيطاني،أحلام مستغانمي،نجيب محفوظ، عبد الله بن المقفع، محمد زفزاف،احسان عبد القدوس، عبد الرحمن منيف..
نجيب محفوظ
جمال الغيطاني
يوسف السباعي
محمد زفزاف
عبد الله بن المقفع
يوسف إدريس
إحسان عبد القدوس
أحلام مستغانمي
عبد الرحمن منيف

هؤلاء مدارس كتبوا على جبين الزمن أن يتغير إلى الأفضل في الحين الذي كانت فيه قوى الجمود تمارس الدروشة والثبات في أماكنها جامدة ساكنة.
في الأغنية، من ينكر أثر اسحاق الموصلي وزرياب وفيروز وعبد الوهاب وأم كلثوم وسيد درويش وماجدة الرومي وشيخ امام ومرسيل خليفة على الذائقة الموسيقية الفنية العربية والعالمية، في الوقت الذي ظل فيه الفكر المحافظ منحصرا على الأمداح ومواويل الدروشة الصوفية وحتى هذه لأم كلثوم وناظم الغزالي وصباح فخري ووديع الصافي الباع الطويل فيها.
زرياب
فيروز
أم كلثوم
محمد عبد الوهاب
مرسيل خليفة
ماجدة الرومي
سيد درويش
الشيخ إمام
ناظم الغزالي
صباح فخري
وديع الصافي


وقس على ذلك بقية الفنون، ففي الوقت الذي كان المحافظون يبرعون في اصدار فتاوي التحريم- تحريم الرسم، الغناء، الموسيقى، المسرح.. ويحنون إلى الماضي مغلقين أبواب المستقبل كانت هذه القوى التغييرية تشق طريقها بقوة وبابداع ولا زالت.

وعلى المستوى العلمي التكنلوجي تبدو المفارقة شاسعة، فالمحافظ الوثني هو ضد الطب الحديث مع طب الشعودة والتعزيمات والبخور والطقوس السحرية، وهو ضد استعمال التكنلوجيا في العديد من الميادين يحن إلى العمل اليدوي، والمدارس العتيقة مثال حي على ذلك، فلا يوجد طالب فيها يدرس اللغات الأجنبية أو الفنون الجميلة أو يتمتع بخبرة استعمال حاسوب، وهو ما يمكن ان تصل اليه هذه المدارس في القرن الثلاثين او لا تصل .
الوثنية الجديدة هي الارتداد إلى العصور السحيقة لا لشيء إلا لعدم الثقة في المستقبل واستهجان الحاضر، هي أيضا التباث والرسوخ على ما أكل عليه الدهر وشرب بدعاوي فارغة ويسعى التيار المحافظ دائما للتظاهر بأنه الممثل الشرعي للمقدس دينا كان أو أعرافا او تقاليد، ويمثل دائما انه الوريت الشرعي للثراث والماضي.
في حين أن تغيير النظم والأفكار والتقاليد أمور جرت عليها العادة وهي سنة الحياة لذلك فالقوى التقدمية تؤمن بأن التغيير حتمي وبأن الأوثان الوهمية إلى زوال:
وثن العصبية القبلية والشعبوية،
وثن اللغة،
وثن الاعتقادات العنصرية،
وثن تقديس الاباء والسلف،
وثن الكتب الصفراء،
وثن العادات والتقاليد..
والنهر لا يعود إلى الوراء وقد تبدو بعض الأمور اليوم شادة وملعونة، لكنها ستسود، مثل:
زواج المرأة بدون ولي،
الحياة المستقلة للطالبة،
عمل المرأة كسائق أو في أجهزة الأمن،
حرية الاعتقاد،
حجز فندق في المدينة التي بها أقارب وزيارتهم،
تدريس الثقافة الجنسية،
تقديم دعوى قضائية ضد الوزير أو الحاكم..

ما يخلط الوراق أحيانا هو تلك القوى الوثنية التي تظهر من داخل القوى التقدمية أو تلك القوى التقدمية التي تظهر من رحم المحافظة والوثنية. وهذا بدأت تعيشه مجتمعاتنا، فأصبحنا نشهد حزبا محافظا يمارس الديمقراطية ويؤمن بحقك في الاختلاف، ويمارس مكر وخبث السياسة وتقيم الشبيبات التابعة له حفلات -سيربرايز- وعلاقات بين الجنسين.
او بتنا نشهد في الضفة الأخرى من ينادي بمبادئ تقدمية ويسجن زوجته في المنزل، ينادي بمبادئ العدالة ويخلص ابنه من فضائح اخلاقية، يرفع شعار الديمقراطية ويمارس شعار الديكتاتورية. هذه وثنية جديدة جدا وتحتاج موضوعا آخر.

شكيب أريج-

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

حسبي الله ونعم الوكيل....