السبت، 24 فبراير 2007

نقابيات

نحو شبيبة تقدمية نقابية

ما يعرفه القطاع النقابي من تشرذم وتمزق وطغيان للانتهازية هو واقع لا يختلف عليه اثنان. لهذا فكل كلام عن نقد هذا الواقع لن يخرج عن ما هو تحصيل حاصل، فلتكن هناك وجهات نظر وإرادة حقيقية تسعى إلى التغيير واتخاذ مواقف ايجابية.
وحتى يكون مقالي هذا خطوة جريئة في هذا الاتجاه أطرح هنا مبادرة لن أتوان عن تفعيلها حتى لا يظل الجسد النقابي مشلولا وضعيفا.
فكرة بناء شبكة للشباب التقدمي النقابي أرى أنها خطوة تغييرية فاعلة لا مندوحة عنها نظرا لعدة اعتبارات:
أحد أهم عوامل تشضي الجسد النقابي واهترائه يكمن في عقلية الشيوخ من داخل الهياكل، وهي عقلية إقصائية تلعب على وتر التبجح بالتجربة وتدق مسامير الكراسي الدائمة وتمارس سياسة الخبث والمكر واللامبدئية، ثم أنها استكانت مغلوبة واستنفدت طاقتها، أفلا ترون معي أن تشبيب العمل النقابي من شأنه أن يبعث دماء جديدة قادرة على التغيير
الظرف الراهن أصبح يستدعي استبدال الأساليب العتيقة على مستوى التكوين والنضال والتواصل، ولا أرى أن جيل قدماء النقابيين يستطيع تغيير أدوات نضاله وتواصله ثم إنه لا يملك برنامجا تكوينيا واضحا، وفق هذا الاعتبار يمكن أن أقول أن الذي يستطيع خوض أشكال نضالية جريئة وجديدة مختلفة عن الأشكال المألوفة هم شريحة الشباب، يمكن أن أقول أنهم الأقدر على مواجهة بجاحة وصبيانية ولا عقلانية المسؤولين، وهم الأقدر على تخطي الخطوط الزرقاء والخضراء والحمراء التي يجبن الكبار- كبار السن- عن تخطيها لتحليهم بالرزانة والعقلانية مما لا يتناسب مع روح العصر.
المستوى التواصلي أعتقد أنه معطل في النقابات الشبيهة بدار العجزة والتي لا تزهر إلا شوكا. وأعتقد أنه û مجال التواصل- يستحضر فقط إبان حملات التعبئة وقبل عقد المؤتمرات والسبب في كل ذلك راجع إلى كون النقابي العجوز غير قادر على تفعيل قنوات التواصل û التلفاز- الأنترنيت- الصحافة- البريد الالكتروني والرسائل القصيرة- النشرات والمجلات...-.
هذه هي أهم نقطة قوة لدى الشباب وأهم نقطة ضعف لدى الشيوخ. ومن هنا انبثقت فكرة بناء شبكة شبيبية تقدمية نقابية تتواصل عبر قنوات لا يمكن أن ينخرط فيها إلا من يساير عصره من ذوي العقليات الشبابية.
لغة الخطب الخشبية والشعارات الرنانة والبيانات الاستنكارية هي لغة محنطة بليدة وسكونية مهما بدت متعالية ومستفزة ومحرضة لكون المتلقين يتثاءبون حين يتلقونها وتكون استجابتهم بطيئة وغير مجدية، فلنترك الحبل على الغارب للسان شبابي بديل عن لغة الدراويش يستطيع أن يفجر ألغام اللغة.
البرنامج التكويني الذي تصوغه النقابات لا يخرج في أفضل الأحوال عن عروض أو ندوات أو لقاءات أو زيارات وهو موسمي أو منعدم في الغالب الأعم، وهو برنامج في مضمونه في مضمونه مختزل ومبتسر تطغى عليه الارتجالية وينصاع لمقولة " ما يطلبه المشاهدون".
في تصوري الشبابي ينبغي توسيع دائرة التكوين لتشمل شريحة واسعة من الشباب، لأنه ضرب من الغباء هو استنزاف الجهد النقابي من أجل تكوين الجيل الأخير أو ما قبل الأخير المستأثر بالتسيير والتدبير إلى حد الهوس، ولعل هذا أحد الأسباب الوجيهة التي تدفع مشيخات النقابات إلى إهمال التكوين بحكم أن السواد الأعظم من هؤلاء النقابيين لا حاجة لهم بالتكوين ويعتقدون أنهم أساتذة في التأطير والتوجيه.
ليكن التكوين أيضا هو ذاك النقد الذاتي وتلك الدينامية التي تدفع إلى الأمام، وليكن مبعث تجديد وحوار خلاق لن يجد الشباب صعوبة في الانخراط فيه إذا تم تفعيل قنوات التواصل واستثمار التقنية الحديثة، - تصنيع مادة تكوينية ﴿أقراص مدمجة مثلا﴾ عقد مؤتمرات وندوات وخلق منتديات (في فضاء الأنترنيت)
من أجل شبيبة نقابية تقدمية يجب ربط صلات وطيدة بالروافد التي تستطيع تأهيل شباب واع وفاعل ومتخمس للعمل بروح نضالية مستميتة، فالقطاع التلاميذي والطلابي هو المستقبل القريب والبعيد الذي سيؤطر وسيتأطر بالعمل النقابي يوما ما.
التأسيس النظري لفكرة بناء شبكة شبيبة تقدمية نقابية هو أمر ضروري يحتاج إلى فتح حوار أفقي يدلي فيه الشباب المنضوي في الهياكل النقابي بآرائه وتصوراته بكل جرأة وشجاعة وفي نفس الوقت فتح حوار عمودي بين الشيب والشباب يستعرض البدائل الممكنة لتغيير الوضع النقابي أو يسلم بأنه لا مناص من تسليم المشعل إلى الشباب.
هذه مبادرة لا أقل ولا أكثر سيغلفها الصمت إن كانت إرادة الشباب يائسة ومستسلمة وسيكتب لها النجاخ لا محالة إذا لم يقبر الصوت الشبابي ولم ينعث بالعقوق والعصيان.


شكيب أريج
26-01-2007

ليست هناك تعليقات: