الجمعة، 23 مارس 2012

الخروج من القارورة- رشيد الخديري


الخروج من القارورة

ورقة انطباعية في ديوان " بعيدا قليلا" للشاعر المغربي عبد الهادي روضي

عبد الهادي روضي شاعر آمن بفتوحات قصيدة النثر كتابة ونقدا ورؤيا، ويظهر ذلك جليا من خلال منجزه الشعري الأول " بعيدا قليلا" الذي ينأى عن التفاعيل ، قريبا من الإيقاع الذي تخلقه قصيدة النثر من ذاتها ، نبرا واهتزازا نفسيا مصاحبا ومتماهيا مع فعل الكتابة أو الإنكتاب كما يحلو للشاعر تسميته.

منذ قراءتي الأولى –قراءة انطباعية- لا أكف عن نسج الأسئلة حول دواعي ومدارات الكتابة عند الشاعر عبد الهادي روضي، وأعترف أني حبكت حوارا شفافا مع هذه النصوص...تبدو للوهلة الأولى أنها في قبضة اليد، لكن بالغوص واستغوار الدوال الشعرية، يتضح أنها مسالك وممرات غير آمنة و ما يرتق فصوص هذا المنجز الشعري خيطان: المحو ثم الاستنبات ..صحيح أن الشاعر يعلن بشكل صريح ولاءه لقصيدة النثر بمقابل تمرده وخروجه عن الإيقاع الخليلي، مستعيضا عن ذلك بإيقاع شعري ينهل من بحر الذات... لكن ذلك لايعني قطيعة ابستولوجية مع القديم ،على أساس أن كل" شاعر حديث يسكنه شاعر قديم"،بل يسعى إلى بناء و إعادة بناء ذات أصابها الهدم ، وهذا هو المطلوب في الأدب بشكل عام البناء والهدم ، التخريب والتجريب.. وأكاد أجزم أن الشاعر عبد الهادي روضي خلق من ثنائية المحو والاستنبات

عالما شعريا متفردا ومتجددا... محو الذاكرة من ترسبات ماضوية واستولاد

إيقاع شعري يستند إلى رؤيا دقيقة للتفاصيل في حواراتها مع الذات المتشظية..لذلك جاء منجزه الشعري حافلا بالإشارات التي تجعل من الذات الشاعرة بؤرة توتر وتشنج ومنطلق الكتابة الشعرية.

لكن السؤال المطروح : كيف نخلق هذا التوازن الإيقاعي في غياب التفاعيل الخليلية ؟ ربما الشاعر عبد الهادي روضي يحاول الخروج من عمق القارورة بأقل الخسائر الممكنة ، أكيد أن الشعر يعاني من شيخوخة النقاد ،لكن لا تحزن ها أنت بدأت تخرج من القارورة بدليل تلك الرائحة العطرة التي خلفها منجزك الشعري ،ليبقى قريبا من القلب بعيدا عن سلطة التفاعيل.

ليست هناك تعليقات: