الثلاثاء، 15 يونيو 2010

حوار ينشر لاكثر من مرة بأسماء متحاورين مختلفة


سؤال المهنية الصحفية

الحوار نفسه ينشر في أكثر من جريدة مع تغيير اسم المتحاور كل مرة


كان الشعراء القدماء يستعملون حيلة لا تخلو من مكر ودهاء حين يستعملون القصيدة نفسها لمدح عدة أمراء، ورغم ما في المسألة من دهاء ومكر واحتيال فإن للشاعر عذره، إن ما كان يقوم به الشاعر قديما هو نفسه ما تقوم به بعض الأقلام حين تنشر المقال أو الحوار الواحد على أكثر من منبر، إلى هنا يمكن ان يكون الأمر مبررا وقد دافع الشاعر القديم عن فعله بقوله: "هن بناتي، أنكحهن من شئت" ورغم أن الأمر يثير حفيظة الكثير من الجرائد التي تعتمد خطا تحريريا واضحا ينهى عن نشر المنشور سلفا فإن المسألة إلى هنا لا تعتبر سرقة حتى لو وصمها البعض بأنها عهر صحفي.

إن نشر الموضوع بشكل متكرر على منابر متعددة ضدا على إرادة هيئات تحرير الجرائد فيه استغباء لهذه الهيئات نفسها، وفيه استهتار بالقارئ ثانيا، وكأن هذا القارئ يقرأ جريدة واحدة وسيبتلع المقلب ظانا أن الموضوع تفردت به جريدة واحدة، ربما هو تشعب العالم وشساعته ما أصبح يوحي لدى المقترف بهذا.

قبل شهور اكتشفت أن القصة التي فازت بها إحداهن هي قصة منقولة، وكانت قد مرت أكثر من سنة على فوزها وإشادة الجميع بها، ومنذ أسابيع قرأت قصة لقاص مغربي منحولة عن قصة أخرى لعلم من اعلام القصة المغربية ووجدت أن القاص لم يزد على أن غير البرتقال في القصة الأصل بالباكور ونسج على المنوال بشكل يحسد عليه.

ومنذ ايام قرأت حوارا نشر بجريدة عيون الجنوب- شهر يونيو 2010العدد15الصفحة الثامنة، تحت عنوان: حوار مع المهندسة المعمارية والباحثة الانتربولوجية سليمة الناجي " باسم "الاصلاح" ندمر المساجد والمآثر من أجل إعادة بنائها بالإسمنت، عوض ترميمها" والحوار مذيل باسم: احمد موشيم.

ما اثار انتباهي في الحوار المذكور أنه هو نفس الحوار الذي نشر في نفس الشهر(يونيو) بجريدة العالم الأمازيغي-العدد12ص 14، نفس الاسئلة ونفس الإجابات ونفس التقديم وعوض أن يكون نفس المحاور نقرأ : أجرى الحوار ابراهيم فاضل. مع عنوان يدل على التفرد والتميز: سليمة الناجي المهندسة المعمارية والباحثة الأنتربولويجة لـ العالم الأمازيغي- غنى المعمار الأمازيغي يكمن في تعدديته

مشكلتنا أننا نتسرع في إصدار الأحكام، فإلى هنا ليس هناك ما يؤكد أنه هناك سرقة أو تواطؤ، الكاتب من حقه أن يرسل الحوار لأكثر من جريدة فكثيرا ما تستغني هذه أو تلك عن مواد الكاتب المحاور فيضيع عمله هباء منثورا، لذلك فهو يُؤَمّْن على عمله بأن يرسله لأكثر من منبر، أما مسألة اختلاف أسماء المحاورين فكثيرا ما تخطئ هيئة التحرير في كتابة اسم الصحفي أو في تغيير العنوان أوفي إسقاط الاسم أصلا ويحصل هذا دائما عن سهو غالبا.

ثم هناك فرضية ثالثة : ربما كان الأخ أحمد موشيم والأخ ابراهيم فاضل قد أجريا الحوار معا وأسقط كل منهما اسم الآخر ونقل كل منهما الحوار إلى جريدته الأثيرة.

كل الاعذار التي يمكن ان يلتمسها إنسان غير متهور في إصدار الأحكام قد استوفيناها، لكن ماذا لو ظهر الحوار نفسه- نسخة طبق الأصل- في جريدة ثالثة، ويقول المثل المغربي " الثالثة ثابتة"؟؟

يقول الأستاذ عبد الفتاح كليطو في كتاب الكتابة والتناسخ على لسان فرويد "ان تشويه نص ما يقترب، من وجهة نظر معينة من عملية قتل، فلا تكمن الصعوبة في ارتكاب الجريمة، وإنما في محو آثارها؟(*) هكذا فإن محاولة إخفاء هذه القرصنة سيكون من سابع المستحيلات إذا تأكدنا بالملموس من أن جريدة أخبار الجنوب في العدد13من شهر أبريل2010بصفحتها السابعة قد كان لها السبق في نشر الحوار المذكور تحت عنوان: حوار مع المهندسة المعمارية والباحثة الأنتربولوجية سليمة الناجي "باسم "الإصلاح" ندمر المساجد والمآثر من أجل إعادة بنائها بالإسمنت، عوض ترميمها" وقد أجرى الحوار ابراهيم وزيد كما هو متبث في صفحة الحوار.

لن أدعي أني واحد من القراء الأذكياء الذين لم يبتلعوا المقلب، فحين قرأت الحوار على صفحات جريدة عيون الجنوب التي يحسب لها أنها تؤدي رسالة إعلامية متميزة وأنها عيوننا التي نرى بها الجنوب، حين قرأته على الجريدة أبهجتني المادة التي أقرؤها وكانت فرصة للتعرف على سليمة الناجي الأنتربولويجة التي عادت لبلادها لتخدمها ولترمم الآثار وتحميها من الاندثار والغش والانتحال والتزوير والاهمال..

بعدها جاءني من يحمل بيديه الجريديتن الأخريتين وعليهما نفس الحوار،حينها آمنت أن القارئ ليس كما يعتقد الآخرين، يتصفح جريدة واحدة، إنه قارئ متعدد، حدق، متتبع، ولا يمكن بأي حال من الأحوال خداعه والاستهانة بقدراته، وهي مناسبة ليعرف كل كاتب أن حروفه تقرأ حتى لو كتبت في جريدة صفراء توجد عند بقال أعلى الجبل يلف فيها النعناع والسكر، ومتى كتب الواحد حرفا ليعرف أنه ليس إلى زوال.

إن زحمة العالم وشساعته ليست مبررا لأن نعتقد ان ما ينشر مقرصنا او مسروقا أو منتحلا لن يلتفت إليه أحد، كذلك فإن هيئات تحرير الجرائد تتحمل قسطا وافرا من المسؤولية في عدم تدقيقها في المواد وترك الحبل على الغارب، وهي إن تفعل ذلك تكون أكبر المتضررين، لأنها تفقد ثقة القراء وتلتصق بها شهرة جريدة المستعمل، المستهلك، جريدة تقدم الخبر منقولا عن منبر أول، منقولا عن منبر ثان وربما منقولا عن منبر ثالث إلى ما لا نهاية...

بالنسبة للمحاورين الثلاثة: أحمد موشيم، ابراهيم فاضل، ابراهيم وزيد،أنا لا أتهم أيا منهم بشيء فما يوجد على صفحات الجرائد الثلاث كاف لتبرير ما نشرته، وهم مطالبين أمام الرأي العام بتوضيح الأمر بكافة الوسائل الإعلامية المتاحة، فذلك حقه عليهم، ومن حق الصحفيين الثلاثة علينا أن نحافظ على احترامنا الكامل لهم إلى أن تنجلي الحقيقة كاملة.

شكيب أريج
(*) عبد الفتاح كيليطو( الكتابة والتناسخ)ترجمة عبد السلام بنعبد العالي- دار توبقال للنشر- الطبعة الثانية 2008ص35

ليست هناك تعليقات: