الأربعاء، 17 يونيو 2009

معاناة الأعوان والكتاب الإداريين بالمؤسسات التعليمية


مباركة خلطي، نائبة الكاتبة العامة لنقابة الأعوان والكتاب الإداريين المتطوعين بالمؤسسات التعليمية تصرح لجريدة عيون الجنوب:

تفويتنا إلى شركة خاصة من الحلول الترقيعية المفروضة علينا

نطالب بحوار جاد ومسؤول وبتطبيق (مدونة الشغل)

ما زالت معاناة العديد من الأعوان والكتاب الإداريين بالمؤسسات التعليمية بجهة كلميم السمارة وخاصة بطاطا مستمرة، إذ يصل عددهم إلى 142 حسب مصادر موثوقة، وتتراوح مدد عملهم بين أربع سنوات و ست عشرة سنة، يعملون في المؤسسات التعليمية دون أن يتقاضوا رواتبهم بموجب التزام يوقعونه.

وفي الوقت الذي يُعترف بوجودهم الواقعي، وبما يقدمونه من خدمات بشكل شفوي، يكاد يطمس كل دليل ورقي يثبت حضورهم الفعال والأساسي في المؤسسات التعليمية. بهذا الصدد تصرح "مباركة خلطي" للجريدة: "لا نملك إلا حضورنا الواقعي، ويشار إلينا في تقارير المؤسسة، وفي لقاءاتنا بالمسؤولين(مدير أكاديمية التعليم، النائب الإقليمي..) يعترفون بوجود فئة الأعوان، ويعبرون عن تعاطفهم، لكنهم يزيلون المسؤولية كلها عنهم."

وتواصل "مباركة" بنبرة حزينة أنه الاستغلال بعينه، لأن المؤسسات التعليمية بحاجة إلى أعوان وكتاب وبدونهم يحدث شلل ولا تسير يشكلها العادي، لكن الوزارة الوصية تتمادى في تجاهلها مصرة على ترك الخبل على الغارب.

الحلول الترقيعية المفروضة:

إذا كان الموظفون الأشباح يتقاضون رواتبهم دون أن يعملوا، فإن وضعية الأعوان معكوسة، فهم يعملون دون أن يتقاضوا رواتبهم، وتلك إحدى مفارقات مغرب اليوم. ولأن هذه الظاهرة تكاد تتحول إلى عبودية من نوع آخر فإن الأكاديمية الجهوية لكلميم أقدمت أو تقدم على عقد صفقة بينها وبين شركة خاصة من أجل تفويت المتطوعين من الأعوان والكتاب. بهذا الصدد استفسرنا "مباركة خلطي" التي أكدت لنا أنه لا يوجد إلى غاية اللحظة أي اتصال بهم كنقابة أو كأعوان. لا من طرف الأكاديمية ولا من طرف شركة خاصة، وكلما في الأمر أن مدير الأكاديمية السابق سبق وأن وعد بتفويتهم إلى شركة خاصة مكلفة بالحراسة والنظافة. تقول "مباركة خلطي" شبه معترضة: " هي من الحلول الترقيعية المفروضة علينا. وفي نفس الوقت لا يوجد أي تعاقد حول الشروط، الأجرة، الفترة الزمنية..حتى أنه لم يتم استشارتنا وإشراكنا إلى حد الآن في أمور تخصنا. ولذلك ما فتئنا نطالب بحوار جاد ومسؤول، ووضع شروط قانونية والالتزام بتطبيق مدونة الشغل علينا."

مسؤولون ولكن..

الكثير من المتتبعين يعيبون على المتطوعين استكانتهم وعدم توحدهم، هذا الزعم تحاول "مباركة خلطي" تفنيده موضحة أن 37 منخرطا في النقابة، متضررا ومواظبا على التواجد في الساحة الاحتجاجية، جلهم من طاطا وكلميم. أما عن غيرهم من الذين استكانوا أو سجلوا أسماءهم في اللوائح وانصرفوا فلا يمتون بصلة للأعوان والكتاب الإداريين الراغبين بكل ما أوتوا في تحسين أوضاعهم.

تضيف "مباركة خلطي": "لم نستكن أو نصمت عن حقنا يوما، فقد خضنا نضالات إقليمية وجهوية ووطنية، دشناها بوضع شارات أثناء العمل واحتجاجات أمام النيابة وبتوقيع العوارض وإرسال شكايات إلى الجهات المعنية. أجرينا أكثر من حوار مع أكثر من مسؤول. وللأسف فكل مسؤول، يسمى كذلك دون أن يعترف بمسؤوليته. ارتفعت وثيرة احتجاجنا خاصة بعد استفادة جهات أخرى من التوظيف المباشر للأعوان سنة 2004، فخضنا جهويا على مستوى أكاديمية التعليم وقفات واعتصامات وإضراب عن الطعام، وتصاعدت احتجاجاتنا أكثر لتصل إلى وقفات بالرباط أمام الوزارة المعنية وأمام البرلمان. لكن لم نواجه إلا بالوعود وحسن التملص من المسؤوليات وبالعنف والإرهاب البدني".

عبودية معاصرة:

جلسات الاستماع هي استراتيجية جديدة في التعامل مع احتجاجات الأعوان والكتاب الإداريين، فكل مسؤول يبدي تعاطفه وينفطر قلبه لهذه الفئة ويرش بعض وعوده ولكن في واقع الحال: "لسان خصب وقلب قاحل".

هؤلاء المتطوعون لم يواجهوا بالورود والتصفيق عند الأبواب التي احتجوا قبالتها: فأمام ولاية كلميم السمارة اضطروا إلى فك اعتصامهم تحت التهديد، وأمام البرلمان بالرباط فرقت جموعهم بالتدخل الأمني العنيف، وفي اعتصاماتهم الأخيرة أمام أكاديمية التعليم بكلميم لم يسلموا من تهديدات المسؤولين بدءا من مديري المؤسسات التعليمية الذين أربكهم إضراب الأعوان المفتوح انتهاء بمدير الأكاديمية الذي كاد يفقد صوابه.

وضعية مزرية يعيشها المتطوعين تشير "مباركة خلطي" إلى أن أغلبهم متزوجين وآباء لابنين فما فوق، بدون تأمين صحي، وبدون ضمان اجتماعي، وبدون سكن لائق، بل وبدون كرامة.

امتصاص عرق هؤلاء الأعوان يعود بالمغرب إلى زمن العبودية، عبودية معاصرة تحت أسماء جديدة وجميلة ومنمقة مثل:"الموظفون" "المتطوعون" "الأعوان". ثم إن منطق تجاهل هذه الفئة هو منطق يحمل بذرة فنائه في ذاته ويمشي على أرجل طينية. إذ لا يمكن للقاطرات أن تسير وتعمل ببخار الوعود.

فمتى تتحول شعارات "الحداثة" و"التنمية البشرية" و"المقاربة التشاركية التشاورية" إلى حقيقة في ظل مثل هذا الوضع؟ أما آن الأوان لأن تلتفت الجهات المسؤولة والمعنية إلى هذه الفئة التي لا يتجاوز سقف أحلامها راتبا يحفظ ماء الوجه مقابل الخدمات التي تقدمها؟ ثم، من يجرؤ أن يكون مسؤولا في زمن التهرب من المسؤولية؟

شكيب أريج/طاطا

نشر بجريدة عيون الجنوب- العدد الثالث- يونيو2009

هناك 9 تعليقات:

Desert cat يقول...

عجبنى اوى موقف مباركة
ميرسى ليك على مشاركتنا مقالاتك الجريئة ابو ايمن
:))

Hossam يقول...

ابو ايمن
الموضوع جرىء اوى بس انا مكنتش متوقع ان المغرب الحال فيها للدرجة دى
تحياتى لللموضوع
سلام

نبراس العتمة يقول...

العزيزة قطة الصحراء

لو تعرف مباركة اعجابك بموقفها لازدادت ايمانا بما تفعله..

مودتي

نبراس العتمة يقول...

العزيز حسام

هناك مثل في المغرب يقول:

إذا كنت في المغرب فلا تستغرب..

على خلاف الكثير من الأشقاء العرب أرى أن النظرة المتفائلة المنمقة التي ينظر بها الى المغرب أحيانا مبالغ فيها..

مودتي

rania يقول...

مرحبا

اعجبني جدا ملفك التعريفي

...أحسن وسيلة للتخلص من مشاكلك هي وضعها في جيبك المثقوب ..

هل تتوقع هذا ؟؟انا اتمنى هذا

لـــكــن!!!

نبراس العتمة يقول...

رانيا

تشرفني طلتك الحلوة

لا تجعليها بيضة الديك

أعجبك ملفي التعريفي، تريدينه..كم تدفعي ثمنا أبيعه لك؟

هكذا كان يقول صديق لي كلما أعجبني شيء دلالة علة انتقاده لهذا الزمن الذي يباع فيه كل شيء

مودتي الفائقة

نبراس العتمة يقول...

الأعزاء في جريدة الصباح العربي
سأكون سعيدا جدا بالمشاركة معكم، بقدر ما أكون نادما على ما فات

لكم كل الود مني بانتظار أريجي

أسوور يقول...

مباركة نموذج للمرأة العنيدة فى الحق ... صاحبة المبدأ ولو سيف على رقبتها

اتمنى ان نكون كلنا مباركة الخلطى

الى الأمام دائما يا سيدى

مدونتك تستحق الثناء

تحياتى

نبراس العتمة يقول...

العزيزة أسوور

مباركة الخلطي ستكون فخورة جدا بهذا الوسام منك سيدتي.

شكرا للثاء على المدونة التي أتمنى دائما أن تكون عند حسن ظنك

محبة لا تشيخ أو
مودتي المستدامة