السبت، 24 يوليوز 2010

رسالة ثانية إلى اتحاد كتاب المغرب





رسالة ثانية إلى اتحاد كتاب المغرب

من الكاتب والشاعر عبد الوهام سمكان
لا أستطيع أن أحبك يا وطني

تنبيه أولي:... مشاهدة المزيد
" المعذرة منذ البداية، لا أستطيع أن أكتب رسالتي هذه مثلما كتبت رسالتي السابقة سواء شكلا أم مضمونا. ليس لأنني متذمر من اتحاد كتابكم و لو أن هذا حاصل، و لكن لأنني أصلا لا أستطيع الانضباط كثيرا إلى أشكال بالية من الكتابة من بينها كتابة الرسائل بشكل معين و وفق معايير معينة."

مرت حتى اليوم أزيد من عشرين يوما على مراسلتي لكم قصد مؤازرتي في محنتي دون أن أتلقى منكم أي جواب و لو على شكل اتصال هاتفي! هذا لا يحز في النفس فقط و إنما يدفع إلى الكره أو على الأقل إلى عدم القدرة على الحب.
كنت أتوخى منكم صدرا رحبا رغم أني لا أنتمي إلى الإتحاد تقنيا. كنت أتوخى منكم مؤازرة رغم أني اخترت أن أحلق بعيدا و وحيدا. كنت أتوخى منكم التفاتة رغم أني أدرك أنكم منشغلون بكرسي. كنت أتمنى منكم مبادرة فرد منكم رغم أني لم أتملق لأحدكم يوما. أحيانا كنت أتخيل أنكم ستقيمون الدنيا و لن تقعدوها لأنكم ترفضون أن تروا كاتبا مثلكم يطحنه قائد تعسفا و يحرمه من تحصيل لقمة عيشه و يستمر في غيه و ظلمه له حتى حدود كتابة هذه الرسالة، و لولا وقوف أصدقاء إلى جانبه من خارج هذا الاتحاد لما وجد حتى طرف ديال الخبز.
للأسف، لم تحركوا ساكنا! لم تبعثوا و لو رسالة صغيرة هاتفيا أو إلكترونيا!
لا تعتبروني كاتبا مثلكم. اعتبروني مجرد مواطن بسيط اختار مراسلتكم باعتباركم نخبة متنورة! ضاق صدره و لجأ إليكم. هل هكذا تردون على لجوء الناس إليكم؟
في زمن مضى كنت كتبت:

ليس لي سوى قدمان
بمشقة جعلتُ لهما نفس مقاس نعال رامبو
و قلبٌ صيَّرتَه أسود
يلتذ أكثر بجنون شاعر مجري
أطفأ روحه على سكة حديد
سوف لن أحبك يا وطني


هل مضى ذلك الزمن حين كتبت هذا اليأس؟ لربما مضت بعض مكوناته، ففي ذلك الحين كنت مفتونا بالشاعر المجري اتيللا يوجيف الذي غادر الوجوه الكاذبة بإلقائه نفسه تحت عجلات قطار بعدما خلف قصيدة بعنوان " بفلب نقي " أثارت ضجة حين ظهرت و جعلت المجريين يؤرخون ليوم الشعر بيوم عيد ميلاده " 5 مايو ".
أنا اليوم لست مفتونا بإتيللا يوجيف بنفس القوة، لكن ذلك الزمن لم يغادر! زمن الإحساس باليأس توطن في أعماقي أكثر و أنا أتجرع صمتكم السام اتجاه محنتي.
لا أستطيع أن أحبك يا وطني، ليس لأني فقط خلفت خلفي نصف عمري مقصوفا، و ليس لأنني أحيانا كنت أقضي ليلتين أو ثلاث ليال دون أن أمضغ و لو كسرة خبز فأسخر من حالي قائلا: أن ذلك مفيد للحفاظ على قوة أسناني، و ليس لأنني أحيانا كنت أبيع دمي و أسخر أيضا قائلا: بماذا يفيد كل هذا الدم؟ و بماذا تفيد كليتان و أفكر أنه بإمكاني بيع كلية و العيش بواحدة فقط، و ليس لأنني عانيت من مطاردة البوليس لي ليس لأنني خطير على البلاد و لكن لأنني حاولت التحول إلى بائع سجائر بالتقسيط دون أن أدفع رشوة لهم، و ليس لأنني عانيت من المقدمين و المخازنية و القواد بعدما تحولت إلى صاحب طاولة لبيع المأكولات و رفضت أيضا أن أرضخ لـ " المعلومة "، و ليس لأنني سرقني بعض أبنائك المهاجرين و سلموني عقد هجرة مزور، و ليس لأنني طرقت أبوابا كثيرة قصد الحصول على عمل شريف و يحفظ إنسانيتي و لم أجد غير البورجوازيين الإستغلاليين، و ليس لأني اليوم أمد يدي حتى أعيش و هذا أقسى ما تقبلته .......
و لكن
لا أستطيع أن أحبك اليوم يا وطني لأنني لا أستسيغ أن تكون نخبتك بهذا الشكل، أن يكون اتحاد كتابك حتى هذه الدرجة من العلة ......
لا أستطيع أن أحبك يا وطني
لا أستطيع أن أحبك يا وطني

عبد لوهام سمكان

ليست هناك تعليقات: