

"المغرب كما هو" عنوان لكتاب جميل للمدون المغربي الجميل محمد سعيد حجيوج، في الصفحة الثانية من هذا الكتاب الالكتروني نجد العبارة التالية: (جميع محتويات هذا الكتاب الالكتروني نشرت قبلا في مدونتي في الفترة ما بين ماي 2005 وغشت 2006.)
الكتاب مشجع على القراءة لكونه منسق بخط جميل وكبير و قراءته سهلة، ولأن المقالات/التدوينات فيه قصيرة ومفيدة في الآن نفسه.
جعل م.سعيد حجيوج لمدونته طابعا مغربيا لا تخطئه عين المتصفح الآدمي،وعلى قلة المدونات المغربية المكتوبة باللغة العربية، والحاملة للهم المغربي فإن مدونة حجيوج تحفل باللغة العربية الفصحى الى الحد الذي يغيظ الفرونكفونيين، ويثير المتمزغين، ويذهب حجيوج حد وصم المبتعد عن لغته بالخيانة، إذ يقول في تدوينة "العربية أولا العربية آخيرا" "..اما أن تتثقن لغة العم فولتير أو يتبول عليك كل قواد تلون بالخيانة" ويناقش بعمق اشكالية اللغة في تدوينة بعنوان: "داس على صابونة وانزلق"، موضحا بعض الالتباسات: " ..الخطأ ليس في اللغة وإنما في العقول المتحجرة التي تدعي حراسة اللغة" ومن الأفكار التي نالت اهتمامي واعجابي قوله:" .. يتواصلون يوميا بالعامية، وحين يسكنون إلى أوراقهم وكتبهم يستدعون الفصحى من مقابر أدمغتهم.." اهتمام حجيوج باللغة العربية سيقوده الى إلقاء اطلالة على المدونات المغربية ليطالعنا بمقال تقييمي حول الموضوع بعنوان: " العربية.. والمدونون المغاربة" ينعي فيه حظ المغاربة مع التدوين باللغة العربية ليتساءل هل كف المغاربة عن استخدام اللغة العربية؟
عن التدوين المغربي دائما يكتب حجيوج هذه المرة مقالا بعنوان: "طفرة المدونات المغربية، هل ستكون سياسية؟" وهو مقال حاول من خلاله المدون الوقوف على اسباب ركود التدوين المغربي، ولعل من بين أهم الاسباب حسب رأيه:" حركة التدوين لا يمكن أن تنمو إلا في مجتمع حر.." والجيل الحالي هو جيل ولد وفي فمه عبارة:" نعام آآسيدي" .
ما يميز مدونة حجيوج ويجعلها مغربية بكل ما تحمل الكلمة من معاني هو اهتمامها بالمواضيع الوطنية واهتمامها ببلورة مفهوم جديد وحقيقي للوطنية، فمنذ التقديم يفتح حجيوج قلبه ليقول: "لا يمكنني أن أقول أني أحب المغرب، لكن أيضا لن أقول أني أكرهه...يمكنني أن أقول بكل سهولة أن مصلحة المغرب تهمني وسأكون صادقا في ذلك إلى أقصى حد"..سنرى كيف يدق حجيوج في مقالاته بإزميل ومطرقة على الحيطان المهترئة للوطن:
- في مقال بعنوان " الجنسية المغربية.. هل تساوي شيئا؟" يستعرض المدون بحسرة مصير الذين استنجدوا بجنسيات أخرى، ومنها الجنسية الاسرائيلية، وهو إذ لا يلومهم ملقيا العتب على الوطن الذي لم يجدوا فيه كرامتهم، فإنه يتأسف على كرامة المغاربة التي تسيل على أبواب القنصليات الأجنبية. وعموما موقف حجيوج من قضية الوطنية يبدو أوضح في تدوينته:" يحيا العلم الوطني" وفيها يوجه الخطاب لوزير العدل: "المواطن قبل الوطن..بلا مواطن لا وطن."
- من جانب آخر تحفل المدونة بقضايا وطنية مصيرية تشمل ما يتعلق بالوحدة الترابية (يوجه المدون نقدا لاذعا بخصوص هذه النقطة معيدا قراءة قضية الصحراء وسبتة ومليلية، والحكم الذاتي وفق قراءة تحاول كشف الكذب والنفاق الرسمي) وتحفل المدونة بكل ما يتعلق بحريات التعبير وأزمة البطالة، والزيادات الصاروخية في الأسعار، وهموم التعليم،والخصخصة وواقع الثقافة المزري وعدم استقلال القضاء..
- يبدو أن المدونة تتابع الحياة السياسية في المغرب رغم جمود الأحزاب وانقطاع الشباب عنها، فالكاتب يحاول رسم خريطة للمشهد السياسي، فنجده يعنون احدى تدويناته:" المطلوب: حل جميع الأحزاب السياسية" ويتضح أنه يؤمن بالقول المأثور" لا يوجد في القنافذ أملس" إذ هو لا يؤمن بقاعدة الاستثناء فيم يخص الأحزاب المغربية، فقد كتب تحت عنوان: "يقولون حزب وما هو بحزب" يوبخ المتمسكين -بأحلا ما في المر - يقصد حزب "العدالة والتنمية" ليقول لهم: " ما أسوأ أن لا يكون لديك ما هو أسوأ".
بعيدا عن هموم الوطن وقريبا دائما من المغرب اهتمت المدونة بجانب قد يخلو من اللغة السوداوية التشاؤمية أحيانا، فالمدون حجيوج من حين إلى آخر يلقي فنار التدوين على واقع الأدب المغربي وخاصة ما يتعلق بالقصة المغربية .
وليس كل مواضيع ومواقف التدوينات قد تجد صدى طيبا لدى القارئ، فعني شخصيا، أكاد أختلف معه تماما فيم يخص تدوينة :" لا للتمييز ضد الرجل" لأني أقبل انتقاد جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة لكني لا أبيح لنفسي عدم الاعتراف بالقهر الذي تعرضت ولا زالت تتعرض له المرأة في المجتمع. وأختلف أيضا معه بخصوص مقاطعة الانتخابات، فعلى حد تعبير بزيز:" الانتخابات هي التي تقاطعنا"وليست مواقفنا المتعنتة العدمية هي الحل.
وفي الأخير مدونة حجيوج، واحدة من المدونات المغربية القليلة التي أسست لنفسها خطا تحريريا جادا وملتزما حد الالتصاق بهموم المواطن، والمتصفح للكتاب أو المدونة يلامس بجلاء التميز والغيرة الوطنية ويأمل أن لا يبقى المغرب كما هو..ويأمل أن يظل محمد سعيد حجيوج كما هو.
شكيب أريج
¨ المدونة تعريب كلمة blog بالانجليزية التي هي نحت من كلمتي web log بمعنى سجل الشبكة، وهي –المدونة- تتيح لكل شخص أن ينشر كتاباته بسهولة بعيدا عن التعقيدات التقنية المرتبطة عادة بالأنترنيت.