الخميس، 15 دجنبر 2011

المغرب كما تصوره لنا برامج الأحزاب؟ قطعة من الجنة، مدينة فاضلة، أحسن بلد في العالم



المغرب كما تصوره لنا البرامج الحزبية:



قطعة من الجنة، مدينة فاضلة، أحسن بلد في العالم..
المغرب بين تطلعات الشعب، ووعود الأحزاب، وبشاعة الواقع

بشكل عام تتفق جل برامج الأحزاب التي شاركت في الانتخابات التشريعية يوم 25 نونبر 2011 على الظرفية النوعية التي مر فيها هذا الحدث السياسي، فهي قد جرت في سياق الربيع العربي الذي أدى إلى تغيير جذري لأنظمة عربية شمولية، وفي سياق حركة شعبية انطلقت في العشرين من فبراير تحمل تطلعات الشعب المغربي، وخاصة الشباب منهم، وتعبر عن طموح كبير في التغيير، وسقف مطالبها العالي قد تجاوز المطالب الخبزية والخدماتيه والحقائبية التي تتبارى عليها الأحزاب.
ولم تغفل الأحزاب السياسية الإشارة إلى هذه الظرفية ولو بشكل محتشم فيما يتعلق بالوضع الاستراتيجي الدولي والعربي والوطني، فهي في جل منشوراتها لم تأت على كلمة "ثورة" التي هي واقع راهن يعرفه القاصي والداني، المتعلم والأمي.
نقرأ في منشورات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية: " ستجرى الانتخابات التشريعية خلال لحظة تاريخية متميزة. فالراجح أن العالم يعيش اليوم أخطر أزمة منذ 1929 حيث السلطة المالية آخذة في التفوق على السلطة السياسية في كل مكان.. ونتيجة لذلك أصبحت بعض الدول على حافة الانهيار: صار النظام الاقتصادي العالمي مهددا بتسونامي جديد"
وأشار نداء موجه من حزب المؤتمر الوطني الاتحادي إلى " أن المغرب يعيش لحظة سياسية للتغيير الديمقراطي عبر صناديق الاقتراع، من أجل مغرب آمن، مستقر، ديمقراطي، لا المغرب المفتوح على مختلف الهزات"
إلا أن السياق الذي ارتأته أغلب الخطابات السياسية لهذه الأحزاب هو سياق الدستور الجديد: فنقرأ في وثيقة لحزب التقدم والاشتراكية أن الانتخابات تجري في " سياق وطني جديد، يتميز بمصادقة الشعب المغربي بأغلبية واسعة على دستور جديد يخول صلاحيات واسعة لمجلس النواب في مجالات التشريع والمراقبة والدبلوماسية البرلمانية". الحزب العمالي بدوره يجد أن " الانتخابات تمر من منعطف حاسم يتطلب منا التعامل مع المستقبل من منظور رفع التحديات الكبرى المتجسدة في تفعيل الدستور الجديد الذي يعتبر مكتسبا تاريخيا..".
وإذا كانت الأحزاب المشاركة في الانتخابات تثمن في غالبيتها الدستور الجديد ، وتعتبره منعطفا في الحياة السياسية وظرفية نوعية مؤشرة على انفراج الأوضاع، فإن منشورات 20 فبراير التي دعت للمقاطعة ، أشارت إلى أن الانتخابات مسرحية وهي منبثقة عن دستور ممنوح لا شعبي ولا ديمقراطي، كما حذرت من تفاقم الأوضاع لا سيما أن أسعار السكر والزيت ارتفعت مباشرة بعد الاستفتاء على الدستور.

الملاحظ أن العديد من الأحزاب السياسية التي شاركت في الانتخابات التشريعية قد رفعت شعار "التغيير": رفع حزب الأصالة والمعاصرة شعار " تمثيلية أفضل.. من أجل التغيير" ونقرأ في منشورات الحزب العمالي شعار: " جميعا من أجل التغيير وتخليق الحياة العامة". ودائما نفس الشعار يتكرر لدى حزب التجديد والإنصاف " معا لتحقيق التغيير". حزب جبهة القوى الديمقراطية يدوره يرفع هذا الشعار بالخط العريض "التغيير". هو نفس شعار أوباما في حملته الانتخابية قبل سنوات، فهل من تغيير ولو على مستوى البرامج والوجوه؟؟
دعونا نحسن النوايا، ونتأمل هذه الشعارات ولو على سبيل التمني الجميل: الاتحاد الاشتراكي:"جميعا من أجل بناء مغرب المواطنة- حزب العدالة والتنمية:" صوتنا صرخة ضد الفساد والاستبداد"- حزب الحركة الشعبية:"التخليق والتجديد هدفنا"- حزب الاستقلال:" الوطن الآن"- حزب التقدم والاشتراكية: "الكرامة الآن".
والآن هل بإمكان هذه الشعارات أن تعيد الثقة المفقودة في المشهد السياسي ببلادنا؟؟
تعكس هذه الأحزاب وخطاباتها وضعية مفجعة مترتبة عن ثلاثة عشرة سنة من السياسات الحكومية المطبوعة بالارتجالية والارتباط من جهة وبالغموض والخلط والالتباس من جهة أخرى، إضافة إلى تفاقم الرشوة وسوء تسيير موارد الدولة وتبذيرها لتبقى الحصيلة دون انتظارات المغاربة.
إن مختلف الحكومات التي تعاقبت على تسيير الشأن العام تشابهت حصيلاتها، ولم تقدم أية حلول للتحديات التي تعرفها بلادنا. وبقيت البطالة والهشاشة والفقر وضعف الأمن وغياب العدل والمش بالكرامة أهم شعارات المرحلة، وهو ما حدا بحركة 20 فبراير أن تبرر مقاطعتها:" لأن رموز الفساد لم يتغيروا وما زالوا متمسكين بكراسيهم- لأن الأحزاب لم تتغير- لأن القمع هو هو- بسبب منع الحريات والاعتقالات السياسية والاختطافات- لأن المحاكمات صورية- لأن لا وجود لعمل يضمن الكرامة- بسبب ارتفاع الأسعار- بسبب احتكار الاقتصاد- بسبب الأوضاع الصحية والتعليمية المتدهورة- بسبب الاستمرار في الكذب والتزوير."
تعترف بعض الأحزاب بهذه الأوضاع الكارثية التي يمر منها مغربنا، وتعتبر ذلك مبررا حقيقيا للمشاركة بدل المقاطعة، ومن جهته يقف حزب الاتحاد الاشتراكي في نداء موجه للمواطنين والمواطنات على مكامن الاختلال السياسي ويجمل ذلك فيما وصفه بالاختناق السياسي والعطب الذي يمس التحول الديمقراطي.
وتشير أدبيات حزب العدالة والتنمية بدءا من الشعار الذي ترفعه إلى أن الوضع السياسي يعاني من الفساد والاستبداد وتشخص الوضع القائم في هذا المقتطف الموجز:" رغم ما يتوفر للحكومة من إمكانات استثنائية فقد أخفقت في تحقيق التنمية الموعودة وفرطت في التوازنات الاقتصادية التي كلفت الشعب المغربي تضحيات كبيرة. هذا الإخفاق هو نتيجة طبيعية للاختلالات الحادة في مقاربة تدبير الشأن العام والقائمة على التحكم والريع والفساد".
إن مغرب تضخم الفوارق وتفاقم العجز وتراجع المؤشرات لا يخفى على أحد، لكن الأيادي التي كانت سببا في هذه الوضعية هي التي ما زالت تتستر وتتلون وترفع نفس شعارات محاربة الفساد والدعوة إلى التغيير من أجل المزيد من التمييع والإفساد.
هكذا سنكون إزاء مغربين، مغرب الواقع المتردي بدون رتوشات، وبدون مساحيق تجميل، ومغرب العدالة والإنصاف والتغيير وما شئت من الشعارات والوعود المعسولة.
المغرب الأول نعيش في جغرافيته وواقعه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، والمغرب الثاني هو الذي سنتعرف عليه من خلال برامج الأحزاب السياسية المتفائلة بشدة، والمشاركة بقوة مسعورة.

إننا هنا بصدد "البلاد الفاضلة" وليست " المدينة الفاضلة"، ونحن إذ نطالع البرامج الحزبية التي اتخذت نسخة واحدة مثالية، ذلك أن الخير والقيم النبيلة الشريفة توجد في خانة واحدة ولا يختلف حولها اثنان، غير أن الطريق إليها تتعدد بتعدد المسالك والسالكين. وتلك المسالك وأولئك السالكين هم معقد العزم وليست الوعود التي يطلقونها جزافا. والغريب العجيب أن هؤلاء الذين يتبارون في تقديم الوعود هم أنفسهم الذين أخلفوها في مواعد سابقة وعادوا من جديد دون محاسبة أو مساءلة.
وأنت تطالع المغرب في برامج الأحزاب توقن أن الكرامة آتية الآن، والفساد مغادر إلى غير رجعة وكل شيء إلى تغيير: الوجوه، المؤسسات، السلوكات...
من يطلع على أوراق الحملات الانتخابية سيفاجأ بمغرب يبشر بالمواطنة الكاملة والخدمات الصحية والتعليمية الجيدة، والسكن اللائق ومبادئ التعدد والتنوع اللغوي والثقافي والإقلاع الاقتصادي وإزالة البطالة ومحاربة الرشوة..إذن فهي برامج من كل الناس وإلى كل الناس ترتدي رداء فضفاضا لتشمل الجميع. وإذن هي برامج تجعل المغرب جنة عدن على أرض الله يتوق إليها المواطن المغربي ولا يدخر وسعا للوصول إليها حتى لو اقتضى الأمر "حريكا" من نوع جديد، يتجه فيه المواطن نحو الأحلام والأماني، ولا غرابة في ذلك أمام انسداد الآفاق، وحيث لا يجد الشعب أفيونا أفضل من القنوات الرسمية ومن برامج الأحزاب.

مغرب الغد بعيون حزب العدالة والتنمية:
طبعا لا يوجد من هو أكثر تفاؤلا من المنتصر، لكنه تفاؤل المغرر به في لعبة سيلعب فيها دور المسكن، و"الكاوي بالبارد"، وإن كانت رؤية حزب المصباح تنطلق من قناعة راسخة بالإمكانات البشرية والرصيد الحضاري والقدرات الطبيعية والموقع الجغرافي للمغرب فإن الكرامة والتنمية واكتساب موقع متميز ضمن الدول الصاعدة والتطلع إلى مغرب جديد، مغرب الحرية والكرامة والتنمية والعدالة هي غايات قفزت عليها وأضاعتها حين ارتضت السير في جوقة المطبلين والمهللين للدستور الجديد وحين ارتضت تقزيم قيم العدالة والتنمية والكرامة والحرية التي لا تتجزأ أو تقسم أو تقزم. ومع ذلك فإن من حق هذا الحزب أن يجرب برنامجه في مختبر كبير يدعى: المغرب. وهو لذلك قد وضع برنامجا يرتكز على خمس توجيهات: بناء دولة المؤسسات والديمقراطية ومكافحة الفساد- بناء اقتصاد وطني قوي- يناء مجتمع متماسك ومتضامن- مراجعة المنظومة الأخلاقية بناء على المرجعية الإسلامية والهوية المغربية- صيانة السيادة المغربية وتعزيز الإشعاع المغربي خارجيا.

التزامات حزب التقدم والاشتراكية:
في زمن الكرامة المهدورة يصر الضالعين في اللعبة السياسية على أن الكرامة مطلب آني، لذلك يصوغ هذا الحزب برنامجا من أجل مغرب ديمقراطي يسوده الرخاء والعدالة الاجتماعية ومن أجل الكرامة الآن. هكذا يلتزم حزب الكتاب برفع تحديات التنمية والتنافسية والتشغيل/ بالنمو المتوازن ومعالجة الاختلالات المجالية والاجتماعية، كما يلتزم بسياسة يصفها بالجريئة والنشيطة فيما يتعلق بالإدماج الاجتماعي والتضامن الوطني. أما في الحكامة والديمقراطية وإعادة تنظيم الدولة فيتعهد بمحاربة الرشوة وتعزيز اللامركزية والجهوية. وفي الأخير يجدد التزامه بتعزيز الاستقلال الوطني وإعلاء مكانة المغرب على الصعيد الأممي.
إنه برنامج مثالي ونموذجي وواعد، وإن كان عيبه الوحيد أنه لم يتحقق بعد لينقلنا نقلة تاريخية إلى "أجمل بلد في العالم" وإن كان عيبه ذلك، فعيبنا أننا تقاعسنا عن الحلم والتفاؤل أمام بشاعة فضاعات الواقع حتى أننا لم نصدق لغة "الشفوي".

مغرب التغيير عند حزب جبهة القوى الديمقراطية:
يصوغ حزب جبهة القوى الديمقراطية خمسين إجراء من أجل التغيير على رأسها: الدفاع عن قضية الوحدة الترابية- القضاء على الأمية في ظرف 5 سنوات من خلال تعبئة 100 ألف من حملة الشهادات المعطلين- تأهيل الإدارة العمومية وتحسين جودتها- إصلاح نظام التعليم- تعميم نظام التغطية الصحية ليشمل 70٪ من الساكنة- إصلاح وأنسنة المؤسسات السجنية.. هذا غيض من فيض من برنامج سمين متخم بالوعود التي تلامس مختلف جوانب الأزمات التي يتخبط فيها مغرب اليوم. غير أن التغيير هنا لا يتعدى التغيير اللغوي، فكلمة التغيير هي شعار دون مضمون، كالباب دون منزل، أو كالعنوان دون نص.

نداء الاتحاد الاشتراكي من أجل مغرب المواطنة:
يعتبر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن مشروعه هو مشروع بناء مغرب الحداثة المدافع عن قيم العدالة الاجتماعية والتضامن والحرية والمساواة، ويصوغ الحزب مشروعا للإصلاح السياسي لدعم دولة المؤسسات ولتشييد مجتمع المواطنة الكاملة ومكافحة الفساد. ويرى حزب الوردة أن معركة الديمقراطية التي يخوضها تقتضي تنزيل سليم لمقتضيات الدستور الجديد، وضمان تأويل ديمقراطي لنصوصه وأطر كفأة يزكي الحزب تقدمها لانتخابات 25 نونبر ويعتبر أنها القادرة على ممارسة سياسة نظيفة دفاعا عن المصداقية وتعزيزا للإصلاح الديمقراطي والتأهيل الاقتصادي والاجتماعي.
لقد أبانت معظم الأحزاب على قدرة رهيبة في استنبات وتفريخ المصطلحات الدالة على القيم الراقية، وفي مقدمة هاته الأحزاب حزب الاتحاد الاشتراكي الذي تعتبر وثائقه مصدرا لصياغة معجم كوني لو ألبسنا مصطلحاته وألفاظه لحزب أو حكومة أو بلد لاستحق أن يكون قطعة من الجنة.

الحزب العمالي يدعو إلى مغرب متعدد ضمن مغرب موحد:
سبع مرتكزات تشكل القاعدة المتينة لمغرب التعدد كما يتصوره منظرو حزب اليد في اليد: التعليم الجيد المنتج والخدمات الصحية الجيدة، والسكن اللائق، ومحاربة الفقر والهشاشة الاجتماعية وتأطير الشباب وترسيخ مبادئ التعدد والتنوع اللغوي والثقافي ودعم المبادرة الحرة.
هي مرتكزات لو تم تطبيق مرتكز واحد منها لكان كفيلا بإرضاء المغاربة قاطبة، شريطة أن يترجم من لغة الحروف والشعارات إلى لغة الواقع.

هذه بإيجاز مخل بعض المقتطفات من برامج بعض الأحزاب على سبيل التمثيل لا الحصر، وهي برامج لم يقرأها للأسف حتى أصحابها، ولو وجدوا وقتا لقراءتها لوقفوا على بعدها الفاضح البعيد عن أرض الواقع وعلى تجديفها في أعالي الأحلام. ولو قرأها أفلاطون لتخلى عن مدينته الفاضلة، وجاء زحفا إلى "مغرب البرامج الانتخابية".
إن أهم أسباب عدم اقتناع المواطنين بالمؤسسات الحزبية هو إيغالها بشكل مفضوح ومبالغ في صياغة الأماني والتخييلات والأكاذيب، وفي مقابل ذلك فإن الذين يقدمون هذه البرامج يعرفون يقينا أن أجهزة الدولة وقوانينها وتشريعاتها تمنحهم ما قيمته 200 مليار سنتيم عن كل ولاية (5 سنوات) والبرلماني الذي سيوزع برنامج حزبه دون أن يقرأه حتى يعرف قبل أي شخص آخر أن المهمة التي سيترشح لها سيتقاضى عنها 8 مليون سنتيم في الشهر (معفاة من الضرائب) وليس من الخيال أو التمني أن يكلف هذا البرلماني ميزانية الدولة مليون سنتيم و7000درهم كتعويض عن اللباس كي يتأنق جيدا على حساب دافعي الضرائب من أموال الشعب.
وبعد هذه الجولة في الربيع الفردوسي للبرامج تعالوا إلى المغرب الحالي.. مغرب الخمس سنوات مخصوم منها أيام الجملة الانتخابية:

المغرب الحالي: تضخم الفوارق وتفاقم العجز وتراجع المؤشرات:
أ‌- اجتماعيا: يصنف المغرب في الرتبة 114 من أصل 182 على مستوى مؤشر التنمية البشرية، وليس ذلك بغريب في ظل وجود 8.5 مليون معوز وفي ظل بقاء 43 مدينة صفيحية وزيادة 117 ألف منزل صفيحي. وإذا كانت نسبة الأمية تصل إلى 30% (وهو الرقم المثير للتساؤلات) فهي تعتبر نسبة مخجلة، وتؤكد أن حزب ألأمية هو أكبر حزب في المغرب على اعتبار أن عدد الأوراق الملغاة يكتسح بشكل لافت كل مكاتب التصويت، مما يدل على أحد الأمرين إما أن نسبة 30% هي نسبة غير حقيقية وإما أن جل المصوتين هم أميين. ولازال المغرب يكافح من أجل تخفيض عدد وفيات الأطفال والأمهات (30 طفل متوفى دون سن سنة في 1000 ولادة/112 وفاة أم في 100 ألف ولادة).
ب‌- اقتصاديا: سجل المغرب تراجعا اقتصاديا في معدل النمو غير الفلاحي من 5.5% بين 2004 و2007 إلى 3.2% بين 2008 و2011. وإذا كانت تونس مرتبة في 46 في المؤشر الخاص سنة 2011 فيما يتعلق بالتنافسية ومناخ الأعمال فإن المغرب مسجل بـ94 من أصل 183. كما سجل المغرب في الرتبة 97 في مجال حماية المستثمرين مقارنة مع تونس المرتبة 46 في مؤشر سهولة الأعمال. كل هذا أدى إلى عجز تجاري نسبته 48% في تغطية الصادرات للواردات وبعجز 149 مليار درهم وارتفاع الدين الخارجي إلى 92 مليار درهم في 2011. أما على مستوى الدين الداخلي فالدين العام يمثل 55% من الناتج الداخلي الخام.
ت‌- سياسيا: إن المعطيات الرقمية فيما يخص المشاركة السياسية للمغاربة تبقى دون مستوى التطلعات فهي لا تتجاوز نسبة 45 % ويقال أنها متوسطة أو واعدة أو مشجعة، أو أنها أحسن مقارنة مع سابقاتها.. والحقيقة أن أقل من 01% هي نسبة الذين ينخرطون في الأحزاب، و02.8% هي نسبة الشباب دون 35 المنخرط في الجمعيات. ويحتل المغرب الرتبة 132 بحسب ترتيب مراسلون بلا حدود لسنة 2011، والرتبة 89 من أصل 183 حسب فعالية القضاء. والرتبة 85 في 2010 في معضلة الرشوة بعدما كان يحتل الرتبة 79 سنة 2007.

إنها أرقام يندى لها الجبين، وأقل ما يقال عنها أنها مأساوية، وهي لا تتكرر كل خمس سنوات على غرار برامج الأحزاب، بل تتفاقم أمام تعامي الخطاب السياسي عنها، هذا الخطاب الذي قلما استحضر هذه الأرقام إلا في سياق التأكيد على ضرورة التغيير، وهو تغيير على مستوى اللعبة السياسية وليس على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. لقد أصبحت اللغة الخشبية الشعاراتية التي تصاغ بها البرامج تدعو إلى الاشمئزاز والشفقة والسخط العارم. لقد آن لهذه الأحزاب أن تصوغ منشورات حقيقة تشير بوضوح وتعيين إلى المسؤولين عن هذه الأزمة المركبة الشاملة التي يعيشها المغرب، وتطالب بتقديم المسؤولين عن تدمير التعليم والصحة والمسؤولين عن البطالة والعطالة والفقر والهشاشة إلى القضاء العادل، لكن أنى للضالعين في الفساد والكساد والرشوة والمحسوبية وإفساد الانتخابات والحياة السياسية أن يكونوا شهودا على أنفسهم.
إن هذه البرامج مسؤولة بشكل مباشر عن تحويل بلدنا العزيز إلى مختبر تجارب يعيث فيه السماسرة فسادا، ولو أن هذه المنشورات التي وزعت فيها برامج الأحزاب تحولت إلى منشورات تثقيفية لعمت المعرفة والوعي أصقاعا لا يصلها إلا سماسرة الانتخابات.

شكيب أريج
888nawras@gmail.com

ليست هناك تعليقات: