الاثنين، 14 يناير 2008

وضعية المرأة من خلال كتاب التخلف الإجتماعي لمصطفى حجازي


وضـعية الـمرأة
من خلال كتاب التخلف الاجتماعي لمصطفى حجازي[1]

إعداد: شكيب أريج

ركز د مصطفى حجازي من خلال كتابه "التخلف الاجتماعي" على وضعية الانسان العربي ، وهي وضعية وسمها بالقهر، وكل ما يرتبط به من خوف واستغلال واستصغار للذات واحتقار للآخر المقهور وبالمقابل التماهي مع المتسلط
ونظرا لما تكتسيه وضعية المرأة وباعتبارها تدخل في بنية التخلف فإن الكتاب قد حفل بإحالات بعدية تحيل على الفصل الأخير المعنون بـ(وضعية المرأة)
[2].ورغم أن د حجازي قد خصص فصلا كاملا يعرض فيه ملامح وضعية القهر في مختلف الطبقات الاجتماعية، وعلى الرغم من وقوفه على أوجه القهر والاستلاب وما أعدته المرأة للدفاع ضد القهر الذي تعانيه إلا أن كل ما تطرق إليه الدكتور ماهو إلا فاتحة ذات أساس علمي مثين للانفتاح على أسئلة وإشكالات ذات ارتباط وطيد بالواقع اليومي المتخلف، مما يفرض تصحيح أوضاع ومواقف بدائية هشة مرتبطة بالمرأة ما زالت تعشش في الأذهان.
يلخص مفهوم الاستلاب وضعية المرأة في الكتاب لذا سنركز على استلاب المرأة على ثلاثة أصعدة رئيسية: استلاب جنسي- استلاب اقتصادي-استلاب عقائدي.

المحور الأول- الاستلاب الجنسي:
[3]
1- تعريف الاستلاب الجنسي:
اختزال المرأة في حدود جسدها إذ يتم اعتبار المرأة مجرد جنس بتضخيم البعد الجنسي لجسد المرأة بشكل مفرط.
2- كيف ينظر المجتمع إلى جسد المرأة؟
جسد المرأة عورة يجب أن تستر وتصان وتحمى ، وهو ملكية الأسرة والمجتمع، وفي المقابل هناك تركيز مفرط على اختزال جسدها في كونه أداة متعة. وفي هذا الصدد يقول الدكتور عباس مكي: (الحركية الحرة للجسم جنسيا أساس معنى العيب، وضبطها المقنن أساس معنى الشرف)
3- كيف تنظر المرأة إلى جسدها؟
هاجس المرأة قبل الزواج يتركز حول قلقها فيما يخص غشاء البكارة ويلامته، وحول القلق حول قدرات جسدها على حيازة إعجاب الرجل.
وإذ أن المرأة تعرف أن الرجل قد يشكو من تزمتها ، ولكنه يتهرب منها ويخشاها إن هي تجرأت على التعبير عن جسدها، فهي تقع في تناقض بين تضخيم أهمية الجنس والجسد في حياتها وبخيسه.
4- ما هي العوائق التي تقيد جسد المرأة؟
- القمع الديني: وصول حد سياسة الاحتراز ومبدأ سد الذرائع في التعامل مع الجسد وخاصة جسد المرأة.
- القمع المدني: القوانين المشرعة هي مفاتيح في يد الرجل.
- القمع الاجتماعي: اعتبار المرأة ملكية للأسرة وللمجتمع لا بد من ضبطها. ( لاومن ذلك محاصرة المرأة ضمن مجال محدد، وهو غالبا البيت أو مكان لا يتواجد فيه الذكور)

5- ما هي نتائج القمع الجنسي؟
هي نتائج كارثية للمرأة والرجل معا:
- التعبير الجسدي الزائف والمصطنع: التصريح الضمني بين الرفض والقبول، الاعتراف والانكار، القرب والبعد.
- تحول المرأة في حالة القمع الجنسي إلى كائن متزمت وتحول الطاقة الجنسية إلى مسارب نزوة عدوانية (الحقد، التعصب، الغضب..)
- المرأة المقهورة جسديا تقتص دون أن تدري بتنشئة رجال فاقدين للقدرة الجنسية والقدرة على الحب والمتعة.
المحور الثاني- الاستلاب الاقتصادي:
[4]
1- ما هو الاستلاب الاقتصادي؟
تبخيس أمكانيات المرأة بحيث يسمح للرجل باستغلال مجهودها دون مقابل أحيانا أو بمقابل هزيل.
2-ما هي المكانة الاقتصادية التي تتواجد فيها المرأة؟
- تحتل مواقع إنتاجية ثانوية وتكتفي بمكانة هامشية، في حين يحتكر الرجل الأعمال الأساسية .
- إجحاف في نوع العمل ومستوى الاعداد المهني وحيف واضح على مستوى التقويم المادي لعملها: اعتبار الجهد المنزلي جهدا مجانيا- الأحور الزهيدة- ظلم على مستوى الترقية وقوانين التعويضات والاجازات.
3- ما الأسباب وراء ذلك؟
- تحاط دراسة الولد باهتمام أسري لاعتبارها الطريق إلى المستقبل في حين تعتبر دراسة البنت وسيلة تزيد من قيمتها كزوجة مقبلة ليس إلا.
- الحرمان من كل فرص الارتقاء الذهني والنفسي، وكل فرص التقدم المهني، ومن ذلك سجنها في البيت، وفرض مهمات الخادم عليها من كنس ومسح وغسل..
- تحويل المرأة من كيان إبداعي إلى كيان محنط، وتحويل اهتمامها إلى ميدان الاستهلاك والظهور كمجال وحيد لتحقيق ذاتها
- يتخذ الرجل (اهتمام المرأة بالمظاهر) حجة وسلاحا، إذ لا يمكن الاطمئنان إلى كيان ضحل الفكر، يوصف أيضا بالانفعالي، الذي لا يكترث إلا للتفاهات.
- قلق الطلاق والهجر مما يكرس حالة الرضوخ.
-
المحور الثالث- الاستلاب العقائدي:
[5]
- تعريف الاستلاب العقائدي: [6]
هو أن تقتنع المرأة بدونيتها، وتعتقد جازمة بتفوق الرجل وسيطرته عليها وتبعيتها له. هو أن توقن المرأة أنها كائن ناقص، جاهل، ثرثار، عاطفي.
- بعض الأمثلة على الاستلاب العقائدي:
- اعتقاد المرأة أن عالمها هو البيت.
- تنمية إمكاناتها كأم وخادم.
- تبني أسطورة حواء بكيدها وضعفها كمصدر للغواية والآثام والشرور.
- اقتناع المرأة أن من واجبها الطاعة لزوجها وأبيها.
- اقتناع المرأة أنها جسد يلبس وقوام يجدب ورحم ينجب ولسان يشكو ويتطلب ويكذب وأيد تطهو وتغسل وتمسح.



خلاصات عامة:

الموضوع أعلاه مثير للنقاش وهو نقاش لا شك ستتشعي أذرعه الأخطبوطية لذلك ارتأينا أن نؤطر الموضوع ما أمكن في حدود الأسئلة التالية:
- هل من حق المرأة أن تتمتع بجسدها؟
- كيف يمكن للمرأة أن تنتشل نفسها من الاستلاب الاقتصادي وتكون مؤهلة لاتحتلال مكانة اعتبارية في العملية الاقتصادية؟
- كيف تتخلص المرأة من قيود الاستلاب العقائدي لتصبح مناضلة من أجل حقوقها لا ضد حقوقها؟
لكن النقاش سيقفز على الأسئلة المؤطرة ليناوش قضايا خلافية لا ترسو على بر جواب:

المرأة والدين:
- الدين يجعل المرأة تتمتع بجسدها وفق شروط وضوابط ويعترف لها بحقها.
- من يدافع عن الموروث الثقافي يدافع عن التعدد، مسألة الإرث، القمع
- الدين منفصل عن الثقافة التي تعني التقاليد وينبغي الفصل بينهما
- المرأة ليست ناقصة عقل ودين
- مسألة الإرث مرتبطة بالتفضيل (بما قضب الله بعضهم على بعض)
- النص الديني جاء في ظرفية خاصة، ولذلك هناك فرق بين الآيات المكية التي تشكل الأصل والآيات المدنية التي تعتبر الفرع
- الاسلام لم ينصف المرأة : الإرث/القوامة/الحور العين للرجال فماذا للنساء؟
- النص الديني يؤخذ بظاهره لأغراض شخصية وسياسية..
- هناك من يتخطى النص الديني متغافلا مضمونه الصريح المتشدد، وهناك من يتصادم معه.
-
المرأة والجنس:

- الشواذ حالة مرضية والجانب الأخلاقي أساسي في التربية الجنسية.
- المثلية كانت سائدة في الثقافة العربية (الشعر مثلا) وليست نتاج من الثقافة الغربية.
- الزواج هو الوسيلة الوحيدة التي تمكن المرأة من التمتع بجسدها.
- هل عقد الزواج وحده يضمن العلاقة بين شخصين؟
- كرامة المرأة تحصر في البكارة/ البكارة لا تدل على شرف المرأة بل تشكل جزءا من الشرف.
- المثليون من حقهم العيش كما يريدون ولا بد من احترام اختياراتهم.
[1] "التخلف الاجتماعي مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور- د مصطفى حجازي. المركز الثقافي العربي- الطبعة التاسعة 2005
[2] " التخلف الاجتماعي" الفصل التاسع: وضغية المرأة ص 199
[3] " التخلف الاجتماعي" ص214
[4] " التخلف الاجتماعي" ص211
[5] " التخلف الاجتماعي" ص217
[6] لا ينبغي الخلط بين مصطلح الاستلاب العقائدي وبين ما يمت للعقيدة الدينية بصلة.

ليست هناك تعليقات: