الأحد، 8 غشت 2010

هل يساير الخطاب الديني عصرنا الحاضر ام لا؟



الإسلام والخطاب الإسلاموي

- مصطلح الخطاب يثير الكثير من الكلام سواء على المستوى الأدبي أو على المستوى الديني وقد ألفت فيه كتب ودراسات، وحسب علمي المتواضع هو الطريقة والمنهج الذي لا يخلو من مرجعية مؤسسة له.
وقد قلت أنه يثير الكثير من النقاشات لأنه عادة ما يتم نقد خطاب ما، فيرد صاحب الخطاب المنقود بان النقد مس الأصل الذي هو في ما يتعلق بالدين: الإسلام. فأصبح نقد الخطاب الديني مسألة عسيرة، تؤدي في الغالب إلى سوء الفهم وإلى التكفير.
لذا أوضح أولا أني حين أنتقد فرقة دينية فإني أنتقد خطابها، وهذا ما يعسر فهمه في كثير من الحالات وهو ما يجعل النقاشات الدينية جامدة ومتوقفة ولا تتجاوز الاستنساخ عن الاستنساخ.

أصل الداء في هذا الخطاب أنه ينطلق من رؤية أحادية تعتقد بجدوى طريقة نقلها للدين كما تعتقد بالدين نفسه؟ فإن خالفتها يقال لك أنك خالفت الدين.

ويسعى أصحاب أي خطاب إلى اعتماد النص المقدس، ليس المهم النص، المهم استعماله كـ"جوكير" أو كخدعة المصاحف في واقعة صفين، حين انتصرت فئة علي فأشار عمرو بن العاص إلى جنوده أن يرفعوا القرآن ويقولوا بيننا وبينكم كتاب الله.
منذ ذلك الحين تفرقت الخطابات ولا زالت تتفرق من صوفية إلى سنية إلى شيعية إلى سلفية إلى تكفيرية، ونعرف جميعا أنها خطابات كل واحد منها يسعى إلى تمثيل الاسلام وما هو بالضرورة بالاسلام.

مسألة أخرى على غاية من الأهمية : التفكير في الاسلام أو التفكير الاسلامي ليس بالضرورة أن هذا النمط من الخطابات اسلاما.

لذا فلن تكون كافرا إن حدت عن خطاب الشعراوي أو ابن تيمية أو ابن كثير، ولن تزيغ عن الطريق إن خرجت عن معالم الطريق لسيد قطب أو حسن البنا.

ما دامت هذه التوابت منهارة وهذا الخلط بهذه الفظاعة فلا أعتقد أن الخطاب الديني يتطور، إنه يتجمد يوما عن يوم،وهو يستقطب غالبا الذين لايقرؤون ولا يعقلون، فملكة المطالعة شبه منعدمة عندهم أو محصورة في فلك خطاب هش.

والملاحظ أن فوبيا تبادل الاتهامات بين الخطابات لم تسلم منها الفضائيات، فأصبحنا نسمع هذا الشيخ يتعرض لذاك بكلام لا يتناسب مع موقع خطابه، والأصل ان كل شيخ لا يمثل إلا نفسه وسياق الكلام الذي يهدر فيه، أما النصوص التي يلهج بها - وخارج السياق- فهي المشترك الحقيق- وهي الإسلام البراء من أي توظيف قد يستعين ببلاغة اللغة وبارتفاع الصوت ونبرته والحركات البهلوانية التي عاينت بعضها، ناهيك عن أشكال المسكنة واللطافة والطيبوبة التي يتدربون عليها، وغني عن الذكر أن العالم لا يحتاج إلى أن يضحك في وجهك لتصدقه أو يتلاعب بمشاعرك وأسماعك.
قد يقول قائل وما الضير في هذا المظهر الذي لا يهدف إلا إلى الاستمالة؟
فأقول له إذا كانت المسألة متعلقة بالمظهر والحركات، فالفضائيات أصبحت توفر ما يحبه المشاهد المؤمن؟ هذه القناة تقدم أصحاب اللحي الطويلة والأخرى اصحاب البذل وربطات العنق وأخرى مقدمات بجمال لا تخطؤه العين؟

هو إذن عصر الخطابات الشكلانية التي لا توجهك لقراءة هذا أو ذاك، لا تطرح عليك أسئلة تجعلك تبحث.
تشغلك بحكايات السلف عن وقائع ونوازل تقع لك في كل لحظة وتتركك في حيص بيص من أمورك المعاشة، همها زارعة أفيون الماضوية في رأسك، واستعادة الفردوس المفقود، هي خطابات تشغلك بالسفاسف، في مقابل إغضاء النظر عن التوابث، هي خطابات مليئة بالتلقين والمعرفة الحقة التي لا يأتي الباطل من بين يديها، إذن فاسمع، واحفظ، وطبق. وأي تساؤل أو ريبة أو تحقق فهو ضعف إيمان، رغم أن هذا التشكيك هو في طريقة الخطاب وتوظيف النصوص ومدى مشروعيتها أحيانا حين يتعلق الأمر بنصوص تبث الطعن في سندها.
أسوق هنا واقعة حدتث لي، حين كنت أركب مع أحد المتعصبين في سيارة الأجرة حين تجرأ على التدخل ومنع صاحب السيارة من الاستماع إلى المذياع، ولما دخلت معه في نقاش قادنا إلى ابن كثير تبث لي أولا بأنه لم يقرأه أو يقرأ منه، بل سمع عنه فحسب والغريب أنه يسمح لنفسه بأن يتهمني بضعف الإيمان لأني أرفض أن آخذ بتفسيره في تلك المسألة بالذات. فأكيد أن هذا الشخص قد تبث له أني كافر ما دمت اعترضت خطابه ومستلزمات خطابه، وأحمد الله أنه لم يؤذني، خاصة أني كنت أضع رقبتي أمامه، وهو جالس في الخلف، وهو لم يتورع عن محاولة ايقاف السائق ومسكه من يده وهو يسوق.

هذا بالطبع لا يمثل الإسلام، ولا يستحق أن أستشهد به، ولكن رغبة مني في تأكيد أن هناك خطاب هو الأكثر اعتقادا بجدواه وهو الأكثر بعدا عن الإسلام. أما الذين يمارسون اسلامهم الحقيقي فدائما ما يتعرضون للتهويل من جرمهم، والتهوين من عباداتهم الصادقة النية لله تعالى.
كما قلت في البداية كلمة الخطاب هي كلمة علمية أثير حولها نقاش مستفيض
لا أتفق مع التبسيط الذي تقدم به عادة، وأدعو إلى قراءة كتب عن الخطاب ففيها الفائدة العميمة
ونكتفي بالقول هنا أن الخطاب هو طريقة الدعوة، طريقة التفكير في الإسلام، طريقة تقديمه عبر القنوات وفي الكتب وفي الأنترنيت .
هل نحن راضون عن طبيعة الخطاب المهيمن؟
هل يساير العصر؟
هل يؤدي وظيفته؟
هذه بعض الأسئلة المهمة التي يطرحها هذا النقاش ونرجو أن تكون الإجابة عنها والتفاعل معها لما فيه خدمة هذا الدين وخدمة هذه الأمة؟
نقد الخطاب لا يعني الهدم، يعني إغناء الخطاب، الإشارة إلى ثغراته، إلى ما يحتاجه..الذي ينتقد الخطاب لا ينظر للشيوخ بمنظار التقديس والانبهار؟ هل ينظر إلى محمولات الخطاب.؟
هل يكفي أن تكون محمولات مديلة بأحاديث وآيات لتكتسب شرعيتها؟
هل يكفي أن تكون لها أهداف نبيلة لنقول بنجاعتها؟
هل يكفي أن يكون الشيخ نجما لنأخذ منه؟ هل نأخذ الدين أم نتلقنه أم نتشربه؟ هل نحفظه أم نفهمه؟
ما الذي يحدد قيمة الخطاب وأهميته ونجاعته في إيصال الإسلام الحقيقي؟ أهو الشيخ، مظهره وحركاته؟ أم هو مضمون كلامه وحسن نواياه؟ أم هو طبيعة تفكيرنا ووعينا؟
هذه بعض الأسئلة لتحريك البركة الراكدة، لكي لا يكون الخطاب عقيما، ولكي لا يكون متلقي الخطاب بليدا.

هل تحدث عن الدين؟
أكيد لا، فأنا تحدتث عن الخطاب الذي يدعي أنه الدين بعينه .


شكيب أريج

هناك تعليقان (2):

مدونة ترجمات يقول...

شهر مبارك سعيد على كل الأمة الإسلامية
أهله الله علينا باليمن واليسر والبركات.
وليكن شهر التوبة من جميع الذنوب والمعاصي التي نقترفها في كل ثانية، وليجعله الله تبارك وتعالى شهر التغيير من الحسن إلى الأحسن
آمين

نبراس العتمة يقول...

كل سنة وانت طيب
ولا تحرمنا من طلاتك
مودتي